Fwd:
اكذوبة
زادوا علينا الشماليون
بقلم/ محمد عباس ناجي
كثيرا ما نسمع في المجالس والحوارات الجنوبية العابرة وغير العابرة مصطلح"
زادوا علينا الشماليون" ولاسيما عندما تكون تلك الحوارات بين أطراف الصراعات
السابقة التي شهدها الجنوب, منذ عام
1967م, وأخرها مأساة 13 يناير 1986م, ويراد بهذا المصطلح تحميل مسئولية تلك
الصراعات على أنها نتاج لدسائس ومؤامرات دبرها أبناء الجنوب التي تعود جذورهم
الجهوية إلى الجمهورية العربية اليمنية, وعلى وجه التحديد منطقة الحجرية محافظة
تعز, وبعض مناطق محافظة إب التي كان أبنائها يشكلون غالبية أعضاء الجبهة
الوطنية الديمقراطية
المناوئة لنظام صنعاء, والتي كان يحتضنها النظام الحاكم في عدن.. والحقيقة إن هذا
المصطلح مجرد اكذوبة لا أعلم كيف لقي رواجا ليس بين معظم عامة مواطني شعب الجنوب
من البسطاء, وإنما بين أوساط كثير من مثقفيه وقياداته, والذين كان جدير بهم رفض
هذا المصطلح الكاذب لما له من نتائج سلبية على شعب الجنوب في الحاضر والمستقبل.
وكي نثبت أن هذا المصطلح مجرد اكذوبة قذرة سنبين لك ذلك عزيزي القارئ في النقاط
التالية:
1. اشاعة هذا المصطلح هو
بمثابة هروب من قبل الانسان الجنوبي على عدم الاعتراف بالحقيقة في تحمل مسئولية
نتائج تلك الصراعات, بأننا ومن سبقونا من الاجيال السابقة جميعا مسئولون عن تلك
الاحداث نحن قبل غيرنا, ونريد بهذا الأمر ليس خداع أنفسنا وإنما توريث مخلفات تلك
الصراعات للأجيال القادمة, فبدلا من الاعتراف بالحقيقة وجعلها على بساط البحث
لحلها, نتهرب منها ونحملها غيرنا. وهذا مجرد تأجيل للحقيقة المرة لفترة محددة ثم
تعود بقوة اكبر وأشرس, وسيكون ضحاياها أبناءنا واحفادنا ووطننا. فإذا اردنا حل
صادق لصراعاتنا علينا الاعتراف بمسئوليتنا عنها, لأن ذلك بداية الحل الجذري الناجع.
2. قد يكون لبعض أبناء
الجنوب التي تعود جذورهم الجهوية إلى "ج.ع.ي" أو تعود جذورهم إلى دول
أخرى مثل الصومال والهند... الخ نصيب في أسباب الصراعات التي شهدها الجنوب, وهذا
أمر طبيعي لأنهم كانوا وسيضلون جزء من المجتمع الجنوبي, ولكن أن نروج لهذا
المصطلح" زادوا علينا الشمالين" ونحملهم مسئولية تلك الصراعات هذا أمر
فيه استسخاف بالعقل ووقائع التاريخ الجنوبي, فإذا كان تواجدهم في الأغلب محصورا في
العاصمة عدن وعددهم لا يزيد عن ثلث سكان مدينة عدن حتى عام 1990م أما اليوم فهم
اقل بكثير من هذه النسبة, فكيف لمجموعة بهذا الحجم ان يزيدوا على شعب بكامله, تقول
أخر الاحصائيات ان تعداده وصل قرابة الخمسة مليون نسمة؟ إذا كان شعب بهذا الحجم لا
يقدر أن يكون سيد وطنه ويحافظ عليه, فهو غير جدير بهذا الوطن, ولا يحق لنا أن نصف
قيادات الجنوب السابقة بما فيها القيادات التي مازالت على قيد الحياة أنها قيادة
تاريخية ومناضلة, وهي لم تستطع ان تدير بلدها. بل أن ذلك احتقارا لها.
3. وكي نفضح هذه
الأكذوبة, نقول لقد كانت أحداث 13 يناير 1986م هي أخر واقعة صراع أهلي في الجنوب,
ونجاري هذه الاكذوبة بأن أبناء الجنوب الذين تعود جذورهم الجهوية للـ "ج. ع.
ي" لهم ضلع في صراعات الماضي الجنوبي, فأن ما حل بالجنوب وشعبه بعد هذه
الكارثة كان اكبر وافجع واقسى, وهذا لم يأت من فراغ وانما نحن أبناء الجنوب
مسئولون عنه جميعا, فقد ذهب الطرف المنتصر في احداث 13 يناير إلى الوحدة مع دولة
عربية أخرى في عام 1990م وقدم دولة ووطن لحكام صنعاء على طبق من ذهب. الم يكن جدير
به قبل أن يتوحد مع الغير أن يوحد شعبه بتقديم التنازلات للطرف الأخر في ذلك
الصراع, , وبالمقابل الطرف الأخر بدلا من الترفع عن رد الصاع ويفكر بالجنوب كوطن
شارك في احتلال الجنوب عام 1994م, وظل يمثل الجنوب في دولة الوحدة حتى اليوم
تمثيلا صوريا ملحقا بالجنوب وشعبه اضرار لا حصر لها. أخرها قطع مرتبات
قادة الحراك السلمي
الجنوبي منذ أكثر من عامين وحتى اليوم, دون مراعاة لنتائج هذا العمل الكارثي على
اسرهم التي اضحت جائعة.. جريمة أشترك فيها كل من وزير الدفاع ومحافظي لحج والضالع.
ونحن ندونها للتاريخ.
4. عندما أدرك شعب
الجنوب أن الحل للخروج من وضعه المهين والمذل يبدأ بالتغلب على أثار الماضي بادر
المثقفون والخيرون فيه إلى البدء بمسيرة المصالحة الوطنية في 13 يناير 2006م التي
انطلقت من جمعية أبناء ردفان الخيرية بعدن, وتواصلت في بقية المحافظات لتشكل خطوة
جبارة نحو استعادة الكرامة وانطلاقة مرحلة النضال الوطني التحرري, غير أن الذي حصل
أن قيادات الجنوب السابقة التي كان الأجدر بها الانصياع لرغبات شعبها بالتصالح
فيما بينها. وعلى وجه التحديد عقد لقاء تصالحي حقيقي بين قيادات الجنوب في الخارج
باعتبارها تمثل قيادات رئيسية على الأقل في آخر صراع في الجنوب وهو 13 يناير, غير
أن هذا الأمر لم يحدث, فكانت له نتائج سلبية على ثورة شعب الجنوب السلمية الحضارية
التحررية. وهذا ما نلمسه اليوم جميعا. ومع الاسف أن قيادات ومثقفي الثورة الشعبية
السلمية الجنوبية في الداخل يدركون مخاطر
هذا الاشكالية فأنهم ساكتون حتى في تقديم النصح, وبهذا أليس نحن الجنوبيون وحدنا
مسئولون عن هذا الخطأ؟ أم سنكذب على انفسنا ونكرر الاكذوبة ذاتها؟.
5. أننا لا ننكر أن بعض
الاخوة الجنوبيون الذين تعود جذورهم الجهوية إلى "ج.ع. ي" لديهم تحفظات
عن استعادة شعب الجنوب لدولته, لعدة أسباب منها: خشيتهم من روح الانتقام التي يروج
لها اصحاب مصطلح" زادوا علينا الشماليون" ومحاولة عزلهم, وعدم العمل بين
أوساطهم من قبل مناضلي شعبنا. والبعض الاخر نتاج الحرب الدعائية التي يقوم بها نظام
صنعاء في اوساطهم بغرض جعلهم في خدمته عن طريق تكريس ولائهم لانتمائهم الجغرافي
السابق, والبعض منهم تربطه مصالح مادية مع نظام صنعاء, ولهذا كشر عن أنيابه
لمحاربة ثورة شعب الجنوب. ولكن اصحاب هذا المصطلح الخبيث والغبي بقدر ترويجهم
لمواقف البعض من هذه الفئة الجنوبية, لا ينتقدون مواقف الفئة الجنوبية الموظفة مع
سلطات صنعاء, والتي لا تختلف مواقفها كثيرا عن الفئة الأولى. وهي فئة منتمية لكل
محافظات الجنوب دون استثناء. بل نجد البعض منا يبرر للفئة الثانية أنه ليس بيدها
شيئا تستطيع فعله, لهذا جدير بنا القول أن الفئة الأولى كان ليس بيدها شيئا تفعله
في صراعات الجنوب السابقة. فهي لم تكن قادرة على تحريك الوحدات العسكرية ومختلف
الاسلحة, وإنما ابناء الجنوب وحدهم من قاموا بتلك الصراعات. مثل ما هو حال الفئة
الجنوبية المشاركة في السلطة اليوم.
6. أن حاملي هذا المصطلح
يلحقون اضرار بالغة في قضية شعب الجنوب, فهم يرددون هذا المصطلح للهروب من
مسئوليتهم, ولديهم حسابات مستقبلية يرون أن الانتصار فيها يبدا بعزل هذه الفئة
الجنوبية عن وطنها ونضال شعبها. وهم بذلك يسيئون لتاريخ شعب الجنوب المعروف
بالقبول بالأخر والتعايش معه, ويقدمون خدمات جليلة لسلطات صنعاء التي تحاول الصاق
تهمة التطرف والعنصرية بشعب الجنوب, ونقول لمثل هؤلاء ان كل مواطن كان يعيش على
أرض الجنوب قبل عام 1990م ويحمل بطاقة الهوية الجنوبية سوى كانت اصوله عربية أو
غير عربية سوف يظل هو وأبناءه وبناته مواطنون جنوبيون لهم نفس الحقوق
وعليهم نفس الواجبات.
وهنا لا بد أن نؤكد أن كثير من مواطني الجنوب التي تعود جذورهم إلى الشمال وغير
الشمال لهم مواقف مشرفة تجاه ثورة شعبهم, بل البعض قدم روحه ودمه في سبيل قضية
شعبه ـ شعب الجنوب.
7. علينا أن نعترف أننا
مسئولون جميعا على الخطأ العظيم الذي وقع فيه شعب الجنوب وقياداته عندما تطرفنا
بعد الاستقلال في رفع الشعارات الوحدوية القومية والاممية, فقد كانت دولتنا ترصد
30% من ميزانيتها لصالح قوى التحرر بما فيها الجبهة الوطنية الديمقراطية المناوئة
لنظام صنعاء, وكنا نخرج المواطن الجنوبي من المنزل كي نسكن فيه الهارب من الشمال,
ونعطي لهم الاولية في التأهل العلمي الداخلي والخارجي, وأعطيناهم حق المناصفة في
السلطة واتخاذ القرار, ومحونا تاريخ شعبنا لننسبه لشعب اخر, وتغنينا بمجد مملكة
سبأ ولم نتعن لأمجاد ممالك الجنوب "قتبان وحضرموت واوسان" واستبدلنا اسم
الله في تعاملاتنا بشعار الوحدة, فأصابنا الله بتلك الوحدة وجعل منها سوط عذاب
شديد. أليس كل هذه اخطاء نحن الجنوبيون ومسئولون عنها؟.
8. اعترافنا بتطرفنا في
السابق في رفع الشعارات غير الموضوعية يجب أن لا يجعلنا نتطرف بشكل عكسي في الحاضر,
لأن أخطائنا ستكون اكبر اذا اتجهنا نحو الانغلاق ورفض الآخر, ولهذا أن واحدة من
المهام الوطنية والثورية لمناضلي ومناضلات شعب الجنوب هي نبذ النزعة العنصرية التي
يحاول الترويج لها القلة, فقد بلغت هذه النزعة مرحلة لا يمكن السكوت عنها, فنجد
البعض لمجرد اختلافه مع جنوبي أخر في الرؤية يعطي لنفسه حق نزع الهوية الجنوبية عن
غيره, وكأن الهوية الوطنية الجنوبية صك غفران, وليس أدل على ذلك من أن احدهم يوصم
المناضل الجنوبي الكبير/ محمد سالم باسندوة بأنه ليس جنوبيا.. أنه ليس التطرف فقط,
ولكن الجنون بعينه.
9. وأخيرا نتساءل جدلا :
إذا كان الشماليون زادوا علينا في الماضي وكانوا سببا في صراعاتنا السابقة. فهل هم
اليوم مسئولون عن صراعات الجنوبيين في الخارج والداخل؟ فإذا كانت اليوم الصراعات
على المناصب وهي مازالت مغرم. فكيف ستكون صراعتنا في المستقبل وقد اصبحت المناصب
مغنم؟ اليس جدير بنا أيها الجنوبيين ان نعترف بأخطائنا في الماضي ونتق الله في
شعبنا ووطننا حتى لا نضيع قضيتنا العادلة تحت مبرر مصطلح كاذب هو " الشماليون
زادوا علينا"؟ يا ترى في المستقبل سنقول
من زادوا علينا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
--
*(ابوسهيل2011*)
تعليقات
إرسال تعليق