ايها الاخوة والاخوات
ليس من الضروري ان تتفقوا مع الكاتب مئة في المئة. لكن كما ترون فالاخ صالح قحطان (ابو وضاح) ,ونحن لا نزكي على الله احدا, قد بذل مجهودا جبارا لتقصي الحقيقة وكتابتها ونشرها. فتعالوا الى كلمة سواء.. ساهموا في نشرها وعلى اوسع نطاق فكل الجنوبيين في حاجة الى الاطلاع على هذا المجهود الكبير. وها انا ابدأ بارسالها اليكم والباقي عليكم
اخوكم
احمد باحبيب
 
                                   بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحراك الجنوبي :  الإخفاقات والتطلعات المستقبلية
 
تمهيد
قبل إن ادخل في صلب موضعنا أحب إن أشير إلا انه في 9/2/2010م نشرت في شبكة الطيف مقالة بعنوان الممارسات التي أضرت بالحراك السلمي الجنوبي ونشر في  بعض المواقع بعنوان أخر المدرسة الجديدة لحركة نضالنا السلمي كيف نعممها ،، طالبت فيه للوقوف لتقييم تجربة الحراك السلمي وما رافقها من سلبيات ونواقص أضرت فيه وضرورة تنقية الحراك منها واشرنا إلى البعض منها والذي لو وقف الحراك تجاه تلك النواقص بشجاعة في حينها لما كان هذا حال الحراك من التمزق والضعف .
 
لذا فقد ظلت مهمة تقييم تجربة الحراك من حينها والى اليوم هما لم يفارقني   لذا اجتهدت في محاولة مني لتقييم تجربة الحراك وما رافقتها من نواقص وسلبيات وللأمانة وللتاريخ ان هذه المادة التي أضعها بين أيدي القارئ لم تكن جهدا لي لوحدي بل كان لبعض الزملاء الذين اضطلعوا عليها وأسهموا  في تنقيتها واغنائها بالملاحظات لتخرج بهذه الصورة .
 
 وما ينبغي التنبيه إليه كذلك إننا لا نقصد هنا في هذا التقييم التقليل من انتصارات ونجاحات الحراك الجنوبي وتضحيات شعبنا ومن قضيتنا العادلة ولا من نضال رواد الحراك الجنوبي ولا في التشويه او النيل من أي مكون او حزب او أي فرد أو الإساءة لأحد ولكننا أردنا وحاولنا ان نقيم وضع نعاني منه بتجرد وبدون انحياز او تمترس بهدف معالجة مكامن الإخفاق والعلة حتى يسهل علاجها والوقاية منها .
 
 الجزء الأول :  عوامل إضعاف الحراك وأسباب خلافاته
 
 المقدمة
 
لقد استطاع الحراك الجنوبي السلمي كحركة شعبية إحياء وإيقاظ الوعي بالقضية الجنوبية كقضية سياسية  مركزية وأن ينهض بها كقضية عادلة ومشروعة لشعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التوّاق للحرية والخلاص من أكذوبة وحدة الضم والإلحاق بالقهر والإبعاد واستعادة كيانه وسيادته على أرضه وثرواته.
وللحقيقية فقد نجح الحراك في إبراز وإحياء قضية شعب الجنوب المصيرية  لتستولي المكانة التي تستحقها في سلم أولويات النضال الوطني وتحظى بالاصطفاف الوطني الواسع في عموم المحافظات الجنوبية،
وكذا اهتمام الرأي العام الخارجي ، وتفرض نفسها على الواقع كقضية شعب عظيم ، قدم من اجلها تضحيات غالية ، وتعرض للقمع والقتل والسجون والتنكيل والحصار والتجويع والمطاردة وأصبح الجنوب بمدنه وقراه في حالة طوارئ دائمة  ، وحرب غير معلنة ، الأمر الذي أسفر عن تشريد مئات الآلاف من مدنهم وقراهم في كل محافظات الجنوب وخاصة في مدينتي زنجبار وجعار محافظة أبين  في الآونة الأخيرة..
ومن عظمة ومئاثر الحراك الجنوبي السلمي الذي اختطه شعبنا منذ ما يزيد عن الأربع السنوات هو انه قدم نموذجا فريدا للشعوب المغلوبة على أمرها والواقعة تحت حكم الأنظمة الدكتاتورية  والفاسدة  وشكّل مصدر الهام لثورات عدد من شعوب أقطارنا العربية وفي مقدمتها  ثورة التغيير السلمية  في الشمال وتونس ومصر .
 
 عوامل إضعاف الحراك وأسباب خلافاته
بالرغم من الشوط المتميز الذي قطعه رواد الحراك الجنوبي السلمي في الظروف الشاقة التي تحيط بهم حيث استطاعوا ان يعيدوا الاعتبار للقضية الجنوبية وفي إظهارها كقضية عادلة ، إلا إن الحراك لم يستطع أن يوجد إطاراً سياسياً منظماً ،  قائماً على عمل مؤسسي موحد ، وفقا لرؤية سياسية وقيادة سياسية موحدة ، معبرة وفاعلة، تواكب حركة الشارع الجنوبي وتوجهه وتضع له خارطة طريق في تحركه وشعاراته  وتعمل معه بتوازي وبفعالية لتسويق القضية الجنوبية إعلاميا ودبلوماسيا وتطمئن الخارج من جهة, ومن جهة اخرى تمارس التعامل والتعاطي السياسي مع القوى الجنوبية الأخرى والشارع الشمالي والخارج عموما وتوجيه خطاب ورسائل مطمئنه للقوى الجنوبية  تجسيدا لعملية التصالح والتسامح ورفضا لتكرار صراعات الماضي, وترشيد الحراك والمحافظة على طابعه السلمي والتصدي لكل الأعمال والممارسات التي تشوه طابعة السلمي من أعمال عنف وفوضى وممارسات تتنافي مع ثقافة وأخلاق الجنوبيين وديننا الحنيف وبحيث يتقيد ويعمل الجميع وفقا لمبادئ وأهداف عامة ورؤية سياسية واضحة بعيدا عن العشوائية والمزاجية والتفرد
.
وفي الحقيقية إن قيادات الحراك فشلت في الارتقاء به ونقله  من العمل الجماهيري التعبوي التحريضي الشعبي إلى العمل والأداء والفعل السياسي المؤسسي المنظم  ، الملبي ليس فقط لطموحات هذا العمل الشعبي بل والمنظم له  ، بحيث يشكل العمل السياسي الإعلامي والدبلوماسي المنظم صورة عاكسة ورافدا وداعما حقيقيا للحراك الجنوبي ، لإيصال رسالته إعلاميا وسياسيا داخليا وخارجيا ،، بل غلب على نشاط تلك القيادات  ، مع الأسف ، منذ البداية طابع العمل العشوائي والتخبط والمزاجية والشعارات العاطفية الغير مسيسة وتم تتويه الجنوبيين وإشغالهم  في قضايا كثيرة ومتشعبة ، بعيدة عن القضية المركزية مما ادى الى تنافرهم  ، والى خلق، وأحياناً اختلاق عداوات وأعداء غير نظام صنعاء ، وتوسيع دائرة الأعداء بدلا من تضييقها، عوضا عن توسيع دائرة الأصدقاء والمناصرين وتحريم المعارك الجانبية تطبيقا لمبدأ التصالح والتسامح الذي انطلق من جمعية ردفان بعدن ،، ولم يمتاز أو  ينفرد أي فصيل او مكون من مكونات الحراك بهذا المشروع المتميز ذي العمل السياسي المؤسسي المنظم الذي يمكن إن يحشد الناس خلفه ،، وقسّم الحراك إلى العديد من المكونات والهيئات التي تتنازع فيما بينها ، والتي لم تستطع إن تخلق ، على الأقل، قنوات للتنسيق وآليات للعمل المشترك فيما بينها ، حتى في حدودها الدنيا كمعالجة قضايا الشهداء والجرحى والمعتقلين وتنسيق التحرك السياسي الخارجي والعمل الإعلامي ولا حتى في تنظيم الفعاليات المشتركة بدلا من تشتيت وبعثرة جهود الحراك ، فانتشرت ظاهرة الدعوات المتناقضة للفعاليات كما حدث مثلا في احتفالات 14 أكتوبر لعدة سنوات ولغيرها من الفعاليات في الخارج كذلك ،،
ومع تقديرنا للجهود التي بذلها الإعلام الجنوبي في تبني وإبراز القضية الجنوبية في مختلف المواقع الإعلامية الجنوبية وبجهود ذاتية ومتواضعة ، إلا إن الإعلام الجنوبي وتحديداً إعلام الحراك لم يتمكن من إيجاد مراكز إعلامية متخصصة ووضع الخطط الفاعلة لمواجهة إعلام ودعاية نظام صنعاء والحرب النفسية التي سخر لها إمكانيات دولة لمحاربة الحراك الجنوبي،، بل ظل إعلام الحراك حبيس المواقع الجنوبية ذات التأثير المحدود التي لا تطلع عليها إلا أعداد قليلة من الجنوبيين في الخارج ، ناهيك عن تسخير الكثير منها في إطار جلد الذات الجنوبية  ونشر الخلافات ، ولم يتصدى أي موقع أو صحيفة جنوبية لتحمل مسؤولية القيام  بدور فاعل ومؤثر بعد صحيفة الأيام التي شكل إغلاقها ضربة موجعة للإعلام الجنوبي الحر ولم يستطع الحراك إن يوجد البديل أو يبرز صحفيين وكتاب لتبني القضية الجنوبية في الصحافة والإعلام العربي والدولي وكان بالإمكان إن ترتقي  قناة عدن وتضطلع بلعب دور إعلامي فاعل لو انها ُقامت وفقا لعمل مؤسسي و مثلت كل مكونات الحراك ووجدت إدارة   وسياسة إعلامية فاعلة ولو استوعبت قيادات الحراك والقائمين عليها أهمية رسالتها في خلق وعي ورأي عام جنوبي وكذا التأثير على الرأي العام الخارجي وما يمكن إن تقوم به  من شرح  وتعريف وإيصال للقضية الجنوبية خارجيا ومن حشد وتوحيد الجنوبيين ، بدلا من تمترسها  وانحصارها في زاوية ضيقة ، خاصة  بها ، وتقديم  تلك المادة الإعلامية الضعيفة التي نفرت الجنوبيين قبل الآخرين،  ومع ذلك فأننا نعتبر وجود قناة عدن  بحد ذاتها أفضل من العدم ، وكما يقول المثل " كازوز ولا ظلمة " ، رغم انه كان بإمكانها ، كما أسلفنا إن تضطلع بدور فاعل على غرار الدور الذي أضطلعت به قناة سهيل مثلا مع ثورة شباب اليمن ولا نقول قناة الجزيرة  ،،
ويبقى السؤال هنا هو : هل عجز الجنوبيون ، سواء في الداخل أو في المهجر ، بإمكانياتهم الكبيرة  وبأحزابهم الكثيرة  من إيجاد مثل هذه القناة ؟ أم أنهم لم يستوعبوا أهميتها ودور الإعلام عموما وما لعبه في ثورات الربيع العربي ؟؟؟؟
 
ومن الأسباب التي أضعفت الحراك كذلك هو جره من المدن وبالذات عدن إلى الأرياف ، والتقوقع في قمم الجبال وعدم الاهتمام بالعمل التنظيمي بين صفوف الشباب لتأتي ثورة الشباب والأحداث الأخيرة في أبين وجعار وغيرها لتكشف وتعري ضعف وهشاشة العمل التنظيمي للحراك بين صفوف شباب مدن الجنوب وبالذات عدن والخطأ الذي ارتكبه الحراك في عدم الاهتمام بالعمل التنظيمي على الأرض بمختلف حلقاته بين صفوف الشباب مع إننا نقدّر ونعي ما تعرض ويتعرض له قادة ونشطاء الحراك من قمع ومضايقات وملاحقات في المدن تحديدا وبقية مناطق الجنوب ، وكان من أهم أسباب إضعاف الحراك كذلك إن سخّرت مكونات الحراك معظم وقتها وجهدها ، كما أسلفنا ضد بعضها البعض بدلا من إن تسخّر وتوجه جهودها ضد نظام صنعاء ولخدمة القضية الجنوبية ، وعملت ذلك تحت يافطات وشعارات وتسميات فرّقت الجنوبيين بدلا من إن توحدهم ، مثل قوى الاستقلال وقوى غير الاستقلال،  وفدرالي ، وجنوب عربي  الخ .. وظلت شعارات تحرير الجنوب والانفصال والاستقلال وفك الارتباط وفض الشراكة وتقرير المصير والاحتلال واستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ودولة الجنوب العربي وعودة الشراكة والفدرالية والمناصفة ، أكان ذلك مع السلطة أم  مع ثورة شباب اليمن وغيرها ،، ظلت كلها شعارات وخطابات لغايات متناقضة مع بعضها وغير متجانسة سياسيا وقانونيا لتسويق القضية الجنوبية دوليا ولامتلاك موقف جنوبي موحد ، وجرى خلط وتناقض وتصارع بين المطالبين بدولة الجنوب بشقيها العربي واليمني  ، وبين المطالبين بدولة جمهورية اليمن بشقيها الشعبية عام 90م والديمقراطية عام 94م،، وبين من يرفعون شعار الاستقلال وفك الارتباط وبين من يرفعون شعار الفدرالية ،، وبين من يرفعون علم دولة اتحاد الجنوب العربي وبين من يرفعون علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ،، كل هذه القضايا أضعفت الحراك وقسمته ، وظل يعاني من هذه الإشكاليات بسبب هذا التخبط والعشوائية وغياب الوضوح نتيجة لتباين القوى السياسية واختلاف مشاريعها والادهي من ذلك هو ان تلك القوى كلها نقلت صراعاتها وتبايناتها وخلافات الماضي إلى داخل الحراك سواءا  أكانت  قوى  ما قبل 67م ،   كالسلاطين والمشايخ والرابطة وجبهة التحرير والجبهة القومية وغيرها ، أو  تلك القوى والرموز التي تصارعت فيما بينها في اطار الجبهة القومية بعد 67م والذي بلغ الصراع ذروته الكارثية في احداث 13 يناير 1986 بين جناحي الحزب الاشتراكي اليمني،  أوتلك الصراعات التي جاءت ااثر واعقاب حرب 94م وغيرها ،،
وظل ذلك  التباين والإرث المتمثل بثقافة التآمر والتخوين وإلغاء وتهميش الآخر واختلاف المصالح والرؤى سببا رئيسيا لهذه الخلافات التي برزت في اطار وجسم الحراك  مابين مكوناته ك  (المجلس الوطني ،، نجاح ،،المجلس الأعلى ،، تاج ،، الاشتراكي )  أو في أطار كل مكون على حدة  كخلافات (المجلس الوطني )  (المجلس الأعلى وتقسيمه إلى قوى استقلال وغير استقلال)  ( وتاج وتقسيمها إلى طغمة وزمرة) الخ ،،  ولعبت هذه الخلافات دروا سلبيا ، حال دون توحيد الحراك خلف رؤية وهدف موحد ،، وكانت ضبابية وتذبذب موقف بعض هذه القوى والأحزاب التي لم تحسم خيارها بشكل واضح ما بين فك الارتباط وعودة الشراكة أو الفدرالية ، احد عوامل هذا التخبط واحد أسباب ضعف الحراك وتشتته وخلافاته وبالمقابل ظلت القوى التي ترفع شعار الاستقلال حبيسة شعاراتها وخطابها المخون والمنفر لكل من يخالفها ، ولو إن هذه القوى امتلكت ، منذ البداية ، قيادة سياسية كفؤة تمتلك برنامج ورؤيا واضحة  وذات خطاب سياسي وإعلامي واقعي يطمئن القوى الجنوبية الأخرى ولا يستعدي احد ،، ويطمئن الخارج ولا يستعدي أبناء الشمال ..   لو كانت كذلك لاستطاعت هذه القوى التي تنادي بالاستقلال إن تتقدم بالقضية الجنوبية خطوات إلى الأمام ولأمكنها أن تحشد الغالبية من الجنوبيين خلف مشروع الاستقلال ، لاسيما وان الغالبية الساحقة من الجنوبيين يرفضون هذا الواقع  الذي فرضته حرب 94م  ويتوقون للحرية والخلاص واستعادة دولتهم وأرضهم ..
 
ونتيجة لعدم وجود سياسة ترشد  وتوجه الخطاب والشعار الحراكي ،، فقد استطاع النظام كذلك أن يجر البعض ممن حسبوا على الحراك إلى استعداء واستفزاز أبناء الشمال وقواهم السياسية دون تمييز بما فيهم من يعارضون النظام ، من خلال تلك الشعارات الخاطئة والممارسات التي آلبت الشارع الشمالي ضد الحراك ونجح النظام في افتعال وإلصاق بعض الإعمال والممارسات التي استهدفت أبناء الشمال ومحلاتهم بالحراك واستغل النظام بعض المظاهر المسلحة في بعض الفعاليات السلمية للحراك لتشويه الطابع السلمي للحراك  وتصاحب ذلك مع الشطط والخطاب والشعارات الغير عقلانية التي خدمت النظام واستغلها ضد الحراك كتلك الشعارات التي لا تستعدي فقط أبناء الشمال وقواهم السياسية بل وبعض القوى السياسية الجنوبية الأخرى كما تناولنا ذلك سابقا ،  واستغل كذلك تلك التصريحات التي تغازل إسرائيل وإيران والحوثيين وحزب الله والتي تنادي ببناء السور العازل بين الشمال والجنوب ورفع العلم الأمريكي ثم إحراقه ، وإحراق علم الجمهورية اليمنية وعلم دولة الجنوب السابقة وحرب البيانات بين مكونات الحراك والدعوات للكفاح المسلح الخ ،،  والتي تحكمت العاطفة والشطحات بمثل هذه التصرفات والشعارات الفردية الغير مسيسة والمحسوبة على الحراك والتي أضرت بالقضية الجنوبية وحاصرتها دون وعي وتقييم حقيقي للواقع ومعطياته وموازين القوى ومستقبل ومصالح الجنوبيين وغيرها من القضايا التي أضعفت الحراك وشوهته وخوفت الخارج منه وأثرت على قاعدته الجماهيرية الجنوبية وافقدته الكثير من المتعاطفين في الشارع الشمالي وأثارت مخاوف وقلق الخارج وتحديدا السعودية ودول الخليج وأروبا وأميركا الخ ..
 
واستغل نظام صنعاء ووظف كل هذه الإعمال والشعارات والتصريحات والسلوكيات التي خدمته كثيرا في حربه الإعلامية ونشاطه الدبلوماسي ضد الحراك الذي سخر له إمكانيات دولة ، ليثبت للعالم أن الحراك غير سلمي وانه يحمل مشروع خطير على مستقبل المنطقة والأمن والاستقرار مستغلا  ضعف العمل الإعلامي والعمل السياسي الدبلوماسي للحراك الذي لم يرتقي بالقضية الجنوبية وعجز عن تسويقها والدفاع عنها والانتقال باعلام الحراك للهجوم الإعلامي والسياسي ضد نظام صنعاء وفضح سياسته وممارساته القمعية الفاسدة والجرائم التي يرتكبها بحق شعب الجنوب.
 
 
 
الجزء الثاني : أسباب فشل الحراك في توحيد الجنوبيين
 
 لقد عكس خطاب الحراك الذي ينحو في بعض جوانبه إلى التخوين  والرافض للآخر واقع الحراك وخلافاته وفشل قياداته في توحيد الحراك واستعدى هذا الخطاب ليس فقط مكونات الحراك المتصارعة فيما بينها ، بل الكثير من القوى الجنوبية الأخرى وغير الجنوبية ، وخلق معه أزمة ثقة ومخاوف حقيقية،  سواءا أكان داخل مكونات الحراك نفسها أو على مستوى القوى السياسية الجنوبية بشكل عام  من تكرار صراعات الماضي التي يرون اعادة انتاجها مجددا في خطاب وسلوكيات بعض ممن حُسبوا ويحسبون على الحراك ، وفي خلق وتغذية صراعات الحراك وخلافاته الغير مبررة والغير مقبولة ،
 وهناك من يرى إن  تصدر الكثير من الذين كانوا  محسوبين على الحزب الاشتراكي اليمني ، سواء في الداخل أو في الخارج ،  على المواقع القيادية  في  الحراك،  قد خلق  مخاوف لدى القوى الجنوبية الأخرى ، خشية التفرد والأقصاء وعودة حكم الحزب الاشتراكي ، ومما ساعد على مثل هذه المخاوف تلك التصرفات والممارسات  لبعض من كانوا بالحزب الاشتراكي وأعلنوا محاربتهم لها لكنهم في حقيقة الأمر  لم يتخلصوا من ثقافة الماضي ومن النزعة  الشمولية والميل إلى  تهميش وإلغاء الآخر وفي السعي لاستجرار خلافات الماضي .  وبالمقابل هناك  نزوع لدى بعض  المحسوبين  على الحراك ، وتحديداً " تاج " وأصحاب مشروع "الجنوب العربي"  إلى خطاب معادي  للحزب الاشتراكي ، بل إلى كل من كان  ينتمي إلى الاشتراكي ،  ولكل من يخالفهم في تبني  مشروع الجنوب العربي ، دون إن يفرقوا بين الحزب الاشتراكي ونظام صنعاء من جهة ،، وبين من لازال في الحزب ، وموقف الحزب الرسمي،  وممن تخلوا عن الحزب وهم في الحراك من جهة ثانية  ،، وخلطوا الأوراق، بشكل مربك ،  إلى حد ذهب بعضهم بوصف الحزب بأنه اخطر من النظام بل والعدو الرئيسي وطالب البعض بعملية اجتثاث ومحاسبة الحزب الاشتراكي وتكفيره.
 
ولم يعرف الحراك السلمي الجنوبي الذي كان ملتحماً و سار بخطى ثابتة في بداياته كلحمة واحدة وتوج نشاطه  بعملية "التصالح والتسامح " التي عززت الحراك ، ووسعت قاعدته وتحالفاته ، ليشكل اصطفاف وتحالف جنوبي واسع بقيادة جمعية المتقاعدين العسكريين ثم مجالس التنسيق  ،، لم يعرف الحراك في بداياته ،  مثل هذه التجاذبات والخلافات ، ولا مثل هذه التسميات والتصنيفات والتعبئة والتخوين والتكفير، إلا بعد أن تعددت مكوناته ،  وبعد إن دخلته " القيادات التاريخية " وبعد أن تسلق سُلَّم الحراك أصحاب المصالح الخاصة والضيقة .  وكان لقيادات الحراك الغير متجانسة ، فكريا وسياسيا ، كما اشرنا ، وعدم وجود ضوابط وأسس ومقاييس للدخول في الحراك ومكوناته  المختلفة ، وفي تشكيل قياداته ، دورا سلبيا ، مكنَّ  وساعد نظام صنعاء من اختراق الحراك بمختلف حلقاته ومكوناته لتفخيخه من الداخل ، وإفراغ الحراك من مضمونه السلمي وجره للعنف وإلصاق  تهمة القاعدة فيه ،  والتقطع والعنف والفوضى ، بغرض تشويهه والقضاء عليه ، واستطاع النظام ، جراء ذلك ،  من توجيه ضربات متتالية للحراك أكان في تشويهه أو في تغذية خلافاته وتصعيدها كما اشرنا ،، بغرض بعثرة وتشتيت جهود الحراك ولخلق أكثر من عدو وأكثر من جبهة وللحيلولة دون توحيد جهود الجنوبيين  في النضال من أجل الحرية.
 
وللأمانة وإنصافا للحقيقية التاريخية ،  علينا إن نعترف إن القيادات الجنوبية  السابقة ، للفترة الممتدة من 67 م – 90م  قد فشلت في المحافظة على الجنوب ، بل كانت سببا لصراعاته السابقة ولضياعه ، وان  قيادات الحراك هي الأخرى قد فشلت  أيضا في المحافظة على زخم الحراك الجنوبي ، وفي قيادته وتوحيد الجنوبيين حول قضيتهم العادلة،  بل كانت هي الأخرى سببا في إضعاف الحراك وتمزقه  ، ومضاعفة مشاكله وخلافاته ، وهذه الحقيقية ينبغي الاعتراف فيها بشجاعة ، إذا كنا فعلا صادقين ونريد الخروج من هذا الوضع ، ولذا فان المراهنة على تكرار التجارب الفاشلة وتجريب المجرب القديم والجديد سيقودنا حتما إلى نتيجة نعرفها مسبقا ، والى الضياع مجددا مالم نقيِّم بتجرد وصدق أسباب تلك الإخفاقات،  ونتصارح ونمتلك الشجاعة للاعتراف بأخطائنا علانية ، دون خوف ، حتى نستطيع تجاوزها ، ونبدأ مرحلة جديدة من الصراحة والوضوح والصدق مع أنفسنا قبل الآخرين،  من اجل بناء البيت الجنوبي الجديد الذي يتسع لنا جميعا .
 
 وكبداية للمصداقية وحسن النوايا لبداية صحيحة هنا فأنه ينبغي على قيادات الحزب الاشتراكي اليمني التي حكمت الجنوب  وكذلك القوى التي شاركت وساهمة في حرب 94م ضد الجنوب مع قوات سلطة صنعاء بما في ذلك القذف به إلى أحضان نظام صنعاء ، في وحدة غير محمودة ومحسوبة النتائج والعواقب وكذلك القوى السياسية التي عملت ضد الجنوب في الخارج كلها جميعها عليها أن تعترف بأخطائها ، وان تعتذر علانية  لشعب الجنوب عن كل ما تسببت فيه وما أوصلته ،وبهذا الاعتراف والاعتذار ،  نستطيع إن نقول إننا تعلمنا من عبر الماضي وأننا  بالفعل قد تسامحنا وتصالحنا بعد إن تصارحنا واعترفنا بأخطائنا وعاهدنا أنفسنا إن لا نسمح لتكرارها مجددا .
 
إن سبب أخفاق كل الجهود والمساعي الجنوبية السابقة لتلك اللقاءات والاجتماعات التي تمت  سواء في عدن أم في  صنعاء ، أم في القاهرة أم في  بروكسل بهدف  توحيد الجنوبيين خلف رؤية  وقيادة جنوبية موحدة يمكن أن يعزى إلى الأهداف والرؤى المتضاربة لأصحاب فك الارتباط والفدرالية وأصحاب مشروع الجنوب العربي واليمن الجنوبي ومحاولة كل طرف إقصاء الأخر وفرض مشروعه ، إضافة إلى الذاتية وخلافات القيادات التاريخية , والدور السلبي الذي لعبته قيادات الخارج بشكل عام ، وبعض المواقع الإعلامية الجنوبية ، وأموال الخارج التي قسمت الداخل ، وكذا التنافس المناطقي, ، غير المنطقي ، ولهث بعض القيادات وراء مناصب وهمية ، والتسابق على المنصات وحب الظهور ، والتكسب على حساب الحراك , واختراقات سلطة صنعاء ، وتآمر أحزاب اللقاء المشترك ، والأجندة والتدخلات الخارجية الخ ،،، كل هذه الأسباب مجتمعة كان لها دورا كبيرا في خلافات وإضعاف الحراك الجنوبي ، كما اشرنا،  وشكلت ، بمجلها في ذات الوقت،  العائق الحقيقي تجاه مشروع توحيد الجنوبيين خلف قيادة ورؤية موحدة ،، إلا انه بالمقابل علينا إن نعترف إن الجنوبيين يجيدون بل ويتفننون في خلق شماعات يرمون عليها مشاكلهم وفشلهم أيضا ، وهذه مأساة كبرى مع الأسف.
إن العمل العشوائي وغياب  الرؤية السياسية الموحدة التي تحدد  نظرة  وموقف الحراك من مختلف القضايا وتعريف القضية الجنوبية ومن هم أعدائها ، ومن هم حلفائها وأصدقائها ، وما هي الدولة التي يناضل الجنوبيين من اجلها ، وشكل النظام السياسي القادم ، والتحالفات الجنوبية - الجنوبية، والتحالفات الخارجية الخ ,, كل تلك القضايا كانت سببا لكل هذا التخبط والصراع وحالت دون توحيد الجنوبيين ، وهو الذي ترك الباب مفتوحاً ،  لإصدار الإحكام والتصنيفات والاجتهادات ، ومن مواقف منفردة  غير ناضجة  أحيانا وليس موقفاً سياسياً  موحداً  للحراك ، الأمر الذي جعلنا في هذا التمزق والخلاف واضعف معه الحراك وخوَف واقلق الخارج ، واختلطت الأوراق وأصبحنا لا نفرق بين الإستراتيجية ولتكتيك،  ولا نميز بين المهم والاهم ،وبين الخطاب والعمل السياسي المهني المسئول ، الذي ينبغي ان يتمثل به  قادة الحراك وبين شعارات وعاطفة الشارع الغير مسيسة ، ودون إن نعي إن القضية الجنوبية لا يمكن لها إن تتقدم وتنتصر إذا لم تخرج من دائرة العشوائية إلى العمل السياسي المؤسسي المنظم ، ومن دائرة التخبط وعدم الوضوح إلى وضوح الرؤية التي تقدم إجابات وحلول للأسئلة الملحة  والقضايا التي قسمت وفرقت الجنوبيين حول رؤية توحيدهم ، وتبلور منهجاً
 موحداً وموقفا سياسيا  وخطاباً إعلامياً مسؤولاً  وشعارات موحدة وتحركاً سياسياً ودبلوماسياً موحداً  ومتناسقاً ، يفضي إلى النصر والحرية.
 
وكان من الطبيعي كنتيجة للعمل العشوائي ، ولعدم وجود رؤية وقيادة موحدة للحراك الجنوبي كما أسلفنا، أن ينعكس ذلك ليس في ضعف الحراك وخلافاته وفشل توحيد مكوناته فحسب ، ولا في ضعف العمل الإعلامي والسياسي الخارجي أيضا ، بل وفي عدم قدرة الحراك على  التعاطي السياسي الناضج مع الإحداث والمتغيرات والتطورات الناشئة على الساحة ، وتجلى ذلك التخبط  ، وغدا أكثر وضوحا في عدم قدرة الحراك على  امتلاك موقف سياسي موحد من تلك الإحداث والمستجدات على الساحة اليمنية عموما والجنوب خاصة ويمكن هنا إن نعرض لأهم وابرز مثالين ،  هما :
الموقف الأول تمثل في التعامل والتعاطي مع ثورة الشباب المطالبة بإسقاط النظام ، فبدلا من إن يقف الحراك موقفا داعما ومساندا لهذه الثورة ، التي يلتقي معها في العداء لنظام صنعاء كعدو مشترك وكثورة نؤمن بعدالتها ، كونها تناضل ضد نظام قمعي دكتاتوري فاسد ،، وبدلا من إن يرفع الحراك شعار إسقاط النظام بيد وشعار القضية الجنوبية والتمسك فيها باليد الأخرى ، وقف البعض من قيادات ونشطاء الحراك موقف اللامبالاة وعدم الاكتراث ، ووقف  أخر معارضا لها ، مدعيا تارة أنها لا تعنينا وتارة أخرى أنها مؤامرة على القضية الجنوبية ، متناسين ومتجاهلين نتائج هذه الثورة وانعكاساتها على الجنوب والجنوبيين وانخراط الآلاف من شباب الجنوب في هذه الثورة وبقوة وبالذات في عدن ،، بينما ذهب البعض الأخر من أصحاب الحراك عكس ذلك تماما  ، وأرتمى  في أحضان ثورة الشباب واندفع  بشكل عاطفي بدون وعي وحسابات سياسية صحيحة ، وكأنه بإسقاط النظام تحل أو تنتهي القضية الجنوبية متجاهلين إن القضية الجنوبية قضية حية وعادلة لشعب الجنوب لأتسقط بإسقاط النظام وإنما بحلها حلاً عادلا وبما يرضي الجنوبيين .
 وخلط الحراك في نفس الوقت بين ما يمكن إن يتخذه من موقف داعم  لثورة الشباب بمشروعها المعروف وشعاراتها العادلة كثورة ، وبين إن يكون له موقف واضح ، رافضاً  الانجرار أو المشاركة خلف محاولة بعض القوى والأحزاب  لتحويل الثورة  إلى أزمة سياسية بين السلطة والمعارضة أو في تحويلها إلى تصفية حسابات خاصة  بين أقطاب السلطة المتصارعة وشركاء حرب 94م أعداء اليوم.
 
اما الموقف الآخر هو الانفلات والفوضى التي تعمد النظام والمعارضة معا لافتعالها وتغذيتها في مناطق الجنوب بما في ذلك سقوط مدينتي جعار وزنجبار في ابين بيد من يدعون أنهم أنصار الشريعة ومحاولة تحويل الجنوب إلى ساحة حرب لتصفية حسابات الإطراق المتصارعة في صنعاء .  هذه الأحداث ، في الحقيقة ، أظهرت هشاشة العمل التنظيمي للحراك وفقدانه للسيطرة على الأرض ، ليس في جعار وزنجبار فحسب بل وحتى في أكثر المناطق المحسوبة على الحراك كيافع وردفان والضالع وغيرها ، حيث  لم يستطع ان يسيطر عليها ويؤمنها من الفوضى والانفلات،  ليقدم بذلك رسالة عن مشروع دولة النظام والقانون التي يناضل من اجلها.
 
 
 
    الجزء الثالث : التحديات وتطلعات الجنوبيين
 
إن الإشكالية التي عانى ويعاني الحراك اليوم منها والجنوبيون عموما  ليس فقط في العمل العشوائي والتخبط وعدم وجود رؤية وقيادة موحدة كما اشرنا ، ولا من اختراقات ونشاط سلطة صنعاء أيضا ،، ولا في أرث ثقافة وإمراض وصراعات الماضي الجنوبي التي ورثها الحراك من  قبل وبعد الاستقلال ، التي أثقلت وأنهكت الحراك وأغرقته في تناقضات وخلافات الجنوبيين القديمة والجديدة ، بل إن التحدي الحقيقي اليوم يكمن في مواجهة ومعالجة التركة الثقيلة  التي أوجدتها وخلقتها لنا سلطة صنعاء خلال فترة سيطرتها على الجنوب من عام 90م إلى اليوم ، والتي تتمثل في  تدمير وطمس تاريخ وثقافة الجنوبيين وفي قتل الشعور الوطني وعدم المسؤولية تجاه الوطن والممتلكات والمال العام وحب العمل والإخلاص وتفشي وانتشار ثقافة الإفساد والفساد وثقافة النهب وانهيار الأخلاق والقيم وعودة الفتن والثارات  والتخلف وعودة الأمية وانهيار التعليم وانهيار الدولة واشاعة ثقافة التطرف و الفوضى الخ...،  ناهيك عن تدمير البنية التحتية ومؤسسات الدولة الجنوبية التي تحولت إلى ممتلكات خاصة لمتنفذي سلطة صنعاء وتجار حرب 94م.
 
إن هذا الواقع وهذه التركة الثقيلة والمرعبة ، تتطلب من الجنوبيين جهوداً وصبراً ونضالاً طويلاً، إذ من الصعوبة التخلص منها بسهولة وخلال فترة زمنية قصيرة  ، أنها تتطلب تربية وتوعية الجنوبيين  وبالذات الشباب تربية وطنية جديدة تعمق فيهم عدالة القضية الجنوبية وحب الوطن وثقافة التصالح والتسامح واحترام وقبول الأخر ، بحيث تتحول القضية الجنوبية إلى قضية مصيرية في وعي وتفكير ووجدان الإنسان الجنوبي ، ليتمسك فيها ويذود عنها لأنها بمثابة حلم وأمل ومستقبل الأجيال القادمة وهنا علينا أن نربي الشباب وندفع بهم للتمحور والولاء للوطن لتاريخنا ولثقافتنا للتشبث بالأرض وبالقيم النبيلة لديننا الحنيف ،، وان يكونوا أسياد أنفسهم على أرضهم بعيدا عن التعصب الحزبي والولاء الحزبي الأعمى والتعصب القبلي والمناطقي والمذهبي ، وبعيدا عن التطبيل والتمترس خلف الأفراد ، مهما بلغت مكانتهم ، وبعيدا عن لغة العنف وثقافة التآمر والتخوين والتكفير وإلغاء الآخر ،  وان نربيهم على ثقافة جديدة تكرم وتحترم الإنسان وتعيد له حريته وكرامته واعتزازه بنفسه وبانتمائه العربي والإسلامي وتسمح للعقل إن يجتهد ويبدع بحرية في إطار الثوابت الإسلامية والوطنية ،، ثقافة تربي الشباب على حب الوطن والولاء لله سبحانه وتعالى.
 
ولذلك فأن الصراع اليوم  مع الذات الجنوبية ، ومع ارث وثقافة الماضي وإفرازاتها الجديدة يشكل تحدي وصراع حقيقي للتخلص من هذا الداء الذي فتك ويفتك بنا وكان سببا لكل صراعات الماضي وهو اليوم كذلك سببا لكل صراعات الحاضر والعائق الحقيقي امام تقدم مسيرة الحراك السلمي الجنوبي والكابح لكل جهد لإخراج الجنوب من هذا الوضع ، ووضعه على الطريق الصحيح التي تفضي به إلى المستقبل الأفضل والمنشود.
 
إن الصراع الحقيقي ينبغي إن يكون اليوم ، بين ثقافة التآمر والتعصب من جهة ، وبين ثقافة التآخي والتسامح والاعتدال من جهة اخرى،، بين ثقافة التفرد والإلغاء والتخوين والتكفير من جهة ،،  وبين ثقافة الشراكة وقبول واحترام الأخر من جهة اخرى،، وان الفرز المطلوب اليوم ينبغي إن يكون ، بين من يناضلون من اجل الوطن ،، وبين من يناضلون من اجل منافع ومصالح خاصة بهم.  ولذا فأن الاختبار الحقيقي لقيادات الحراك  هو في تغليب مصلحة الجنوب والترفع عن صغائر الأمور والذاتيان والانتصار لإرادة الشعب لأنه لا يوجد أي سبب ولا مبرر يجعل هذه القيادات ان لا يتوحدوا إن كانوا بالفعل طلاب وطن ،. 
 
إن الخروج من هذا الوضع الذي عاشه ويعيشه الحراك الجنوبي من التخبط والعشوائية والاختراقات والخلافات وثقافة الماضي وأزمة الثقة والمخاوف والتخوفات الخ ،، وما يعيشه الجنوب اليوم من أوضاع مأساوية خطيرة ،، يتطلب إرادة جنوبية شجاعة وموحدة بحجم القضية الجنوبية وبحجم التحديات والمخاطر. كما يتطلب قيادة متجردة من حب الذات ومن أمراض وترسبات الماضي القبلية والحزبية والعصبية ومن ثقافة التآمر والتخوين والإلغاء ، ويتطلب تنقية وتطهير الحراك من كل الشوائب والأمراض والحفاظ على طابعه السلمي والأخلاقي ، ويتطلب قيادة تضع مصلحة ومستقبل الجنوب فوق كل اعتبار وفوق أي خلافات وحسابات وأي حساسيات ،، قيادة تؤمن بالحوار مع الأخر وتقبل  بالشراكة بها ، كما تؤمن ان الوطن للجميع ، و إن ولائها لله أولا ثم الوطن.
 
وإذا كنا نطالب اليوم في إبراز قيادات شابة ، فأننا ، في نفس الوقت،  نؤمن إن الجنوب في حاجة إلى خبرات وتجارب القيادات القديمة ، وان على هذه القيادات واجب ومسؤولية وطنية وأخلاقية تجاه وطنها ،، إلا إن المسؤولية التاريخية على القيادات القديمة تتجلى اليوم في إبراز هذه القيادة الشابة الجديدة من الشباب المتعلم الواعي من مختلف التخصصات والكفاءات العلمية وتلك الشخصيات السياسية الناجحة التي يشهد لها بالنزاهة ، لكي تتحمل مسؤوليتها وتصنع مستقبلها بنفسها وعلى القيادات القديمة إن تسلم الراية للشباب من الرعيل الثاني والثالث وان يساعدوهم بخبراتهم ، ولكننا  لن نستطيع إن نحقق مثل هذا الانجاز التاريخي إلا إذا غلبنا مصلحة الجنوب على مصالحنا الذاتية ، وهزمنا وألجمنا النزعات الضيقة التي كانت ولازالت سببا رئيسيا لكل مشاكلنا وهزائمنا منذ 67م والى اليوم.
 
إن المستقبل يتطلب اليوم من كل الجنوبيين  تقويم وبناء البيت الجنوبي الجديد على ثقافة جنوبية جديدة ، قائمة أعمدتها  وأساساتها على عملية التصالح والتسامح ، كقواعد صلبة يقوم عليها بناء البيت الجنوبي الآمن الشامخ المحمي بلغة الحوار والشراكة واحترام وقبول الآخر فيما بيننا بعيدا عن لغة السلاح والعنف والتخوين والتكفير والإقصاء والتهميش ، ولن يتحقق ذلك دون إن نعمل بجد وبصدق لتحويل عملية التصالح والتسامح إلى سلوك وثقافة حقيقية، إذا أردنا فعلا التعايش والعيش معا ، وان نبني مجتمع جنوبي يسوده الأمن والاستقرار وعلينا إن نعي جيدا إن الوطن جميل ومعطاء  إذا ما أخلصنا له وأحسنا العمل والنوايا وحافظنا عليه لنعيش فيه معا في امن واستقرار وحياة حرة وكريمة ، ولكن لن يتحرر الجنوب ويُبنى  لكي نعيش فيه بأمن واستقرار وسعادة، ألا بتعاون وشراكة ومشاركة الجميع وبتحرير عقولنا  من رواسب الماضي والتعصب الحزبي والمناطقي.
 
وإذا كانت الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة قد أصبحت اليوم سمة من سمات هذا العصر وثقافته وشرطا رئيسيا لاستقرار الشعوب وحماية الحريات وحقوق الإنسان ومطلبا وخيارا حقيقيا للبلدان المستقرة سياسيا وأمنيا لبناء أنظمتها الديمقراطية ولتقدمها وازدهارها،، فانه حريّ بنا ان نرتقي الى تمثلها تمثلا حقيقيا ونجعل منها ثقافة تطبع سلوكنا في القول والعمل اذ ان التجربة قد برهنت بشكل عملي وملموس إن التعددية السياسية لا تصلح للبلدان المضطربة والغير مستقرة والمتخلفة أو المستعمرة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهداء الجنوب محافظة لحج ---

مسيرة الزحف الى عدن --- ردفان