شهوة السلطة والمنصب اللذيذ !


شهوة السلطة والمنصب اللذيذ Posted
 عناية جابر----- فترات التاريخ الانتقالية عامة تفتح الجروح، كل الجروح. تفيض المجتمعات دما وعرقا، رؤى وافكارا، دمارا وعمارا في الوقت ذاته. جروح الفرد وجروح الجماعة. يطرح الناس على انفسهم، كل في موقعه ومرتبته، اسئلة كبيرة حول هويتهم ومستقبلهم الشخصي كما حول مصيرهم وصورة مستقبلهم كجماعة ودولة. في فترات كالتي نجتازها، نحن العرب اليوم، تخرج المجتمعات من احشائها وتندلق تناقضاتها المكبوتة والمخفية بخيط واه. تظهر القوى الاجتماعية الفعلية الى السطح معلنة على الملأ ما تريد فتقوم ترسم صورة البلاد المستقبلية كما تراها. على رأس القوى هذه قيادات يحملها بلا شك طموحها الشخصي الفردي لكن زعامتها لها دائما ما يبررها وتتمثل في قدراتها وشجاعتها وعمق رؤاها ايضا للمصلحة العامة. أن السياسة، وهي التي نتحدث عنها، تدور على حلبة الاجتماع البشري الذي يختلف باختلاف الاطوار والدول والبشر. فلكل بلاد وعصر وطور سياسة خاصة والا لكانت السياسة مهنة اي كان. لكن المحير في ما يجري عندنا الان، في الربيع العربي، انه يكاد يشبه نوع الملك الطبيعي كما كان يسميه ابن خلدون، رحمة الله عليه، عنما قال عن هذا النوع انه احمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوةب لا نوع الملك السياسي: احمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار....ب. الملك الطبيعي هو السلطة بمعناها الأولي الهادف الى تأمين الاساسي أو الضروري ماديا ومعنويا. اما السياسي فهو الملك المعقد الذي يضطر الى اللجوء الى االنظر العقليب من أجل الكسب وتأمين الخيرات. كنت أقول اذا ان الوضع الحالي اشبه بطور الملك الطبيعي الخلدوني. ولا أجدني مبالغة في قولي لا سيما عندما ترى النعرات وصراعات الهويات تعلو المشهد السياسي العربي الحالي بينما اللجوء الى الحلول العقلية والاعتماد على اصحابها فبالكاد نقع على ما يشير اليهما. الرؤى العقلية لهوية المجتمع ولوجهته المقبلة كما يفترض ان يتصورهما هؤلاء القادة فبالكاد نلمح اثرا لهما في احاديثهم وخطاباتهم. وبمعزل عن اي حكم قيمي لقادتنا الجدد ولخياراتهم السياسية الاولى فإن غياب هم المصلحة العامة عندهم هو من الوضوح بحيث يصدمك كما صدم الجماهير التي شاركت بقوة في الانتفاضة الربيعية قبل أن تنصرف الى خيبتها. غياب هموم المصلحة العامة كما غياب الرؤية المستقبلية الواضحة والمعلنة عند تلك القيادة الجديدة التي من المفترض ان تنقلنا من حال الى حال افضل، نزع عنها الهالة التي ترافق عادة الحاكم الجديد فلم يبق غير رغباتها وشهوتها للحكم والسلطة. فغياب البرنامج والرؤية يشي بأن المسؤول لم يفكر بهما ولم يعمل عليهما مسبقا عندما كان يسعى الى السلطة. سعيه الى السلطة لم يكن من اجل التغيير وفق رؤيته الثورية بل كان من اجل ا منصب شريف ملذوذ ا(إبن خلدون ايضا)، اي لذة السلطة والتمتع بسلطانها وخيراتها. تغلب الخاص على العام والمصلحة الضيقة على المصلحة العامة. طغت اللذة والشهوة للسلطة على ما عداها فعاد المجتمع معهم الى نوع االملك الطبيعيب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان سياسية وشخصية ومجتمعية ومن طغيان للمشاعر الغريزية البسيطة. الاستلذاذ لم يتوقف عند اشباع شهوة السلطة بل تعداه الى اللذة بمعناها العام الشامل. وبغياب اي محتوى جديد للسياسة لم يبق من الربيع غير سلطة اللذة والشهوة وما يرتبط بهما من كفاية وطلب وإقبال. بهتت السياسة كتغليب للعام على الخاص فانطلقت اللذات من عقالها. والحال لم يعد عجيبا أن يطغى الخطاب الشهواني الجسدي على كل ما عداه.ولم يعد من المستغرب أن يحتكر موضوع المرأة كل المواضيع وأن يضحي الجمهور بجوعه وفقره وحالته المزرية من أجلها. فجأة صارت المرأة في رأس الأولويات لا كشريك فاعل في المجتمع بل كموضوع شهوة جنسية صرفة. فجأة صارت مشكلة العرب الرئيسية اليوم هي ذاك الشر الجنسي المتطاير من النساء والذي تم السكوت عنه لحقبات طويلة. كأن الثورة لم تقم الا لكي تحل هذه المشكلة المستعصية، كأن الاحتلال الخارجي والاقتصادي لثرواتنا وارضنا قد انتهى، كأن مشاكلنا الاقتصادية قد حلت، كأن البطالة قد امتصت، كأن الدولة قد نبتت. لا يكاد يمر يوم بدون فتوى جديدة محورها المرأة والإثارة، ما يجب ان تأكل أو لا تأكل وما يجب أن تمسك أو لا تمسك ان تعاشر وترى او لا تعاشر أو ترى ما يجب ان ترتديه وما لا يجب، مواضيع تدور حول المرأة كموضوع جنسي لا كإنسان كما هي في بلاد الارض الواسعة. خطاب الثورة الاول للقائد الليبي الجديد لم يعد بغير اعادة حق الزواج من اربع نساء. التحرش الجنسي بالنساء واشاعة حول زواج الرئيس من صحافية شابة يستأثران بلب الصحافة والقوى السياسية المصرية بعد اسابيع قليلة على قضية ادراج حق الزواج من طفلة في التاسعة من عمرها في حنايا الدستور الجديد. رضاعة الكبير ايضا وايضا. قانون الاحوال الشخصية في تونس وحقوق المرأة فيه محط اخذ ورد كبيرين بين القوى الحاكمة الجديدة وقوى المعارضة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهداء الجنوب محافظة لحج ---

مسيرة الزحف الى عدن --- ردفان