اليكم جميعا!!
عندما بدأنا منذ أواسط القرن التاسع عشر في عصر تنويرنا العربي بدأت ملامح النهوض تترسخ، واستمر ذلك على شكل مد وطني ونهضوي وتحرري إلى أن حقق استقلالات مستحقة في بلادنا، ولكن ذهابنا بعد الاستقلالات إلى مشاريع فوق وطنية لم تكن تمتلك ظروفها المواتية رغم منطقيتها ومشروعيتها جعلنا نخسر في مشاريع التنمية ونفشل في تحقيق مشاريع كبرى فوق وطنية، حولتها فيما بعد نخب صعدت على أساسها على أكتاف الجماهير إلى مجرد شعارات فارغة من أي محتوى واقعي، ما أدى إلى ارتكاسة ماضوية منفلتة العقال بحيث كل جماعة دينية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية حاولت أن تعود إلى حقبة ما وتؤسس عليها،نحن لسنا مبتلين بمرض الماضوية فقط بل وتائهون في الأزمنة الأمر الذي يفقدنا أي قدرة على صناعة حاضر لائق مشرف يأخذ من الماضي فقط ما يجمع شملا ويقوي بنيانا ويؤسس لحضارة جديدة ومشرقة، نحن الآن مدعوون إلى تهيئة ظرف يجعل اجتماعنا على مشتركاتنا الوطنية أمراً واقعا قادرا على النهوض بنا إلى حالة تليق بكرامتنا وببلد إسمه جنوب عربي ..نتائج الحروب لا تعالج إلا برؤية متكاملة توفر شروطا موضوعية جديدة للحياة تفسح في المجال لكل من شذ عن طريق الصواب كي يعود إليه، والناس عموماً أميل بفطرتهم إلى الصواب وتحقيق مكانة لهم في مجتمعاتهم، نحن مدعوون إلى تكريس الفضيلة كقيمة معيارية ورأس الفضيلة الشفقة.نحن لسنا بانتظار نهاية أزمة أدمت حياتنا كلها فقط، ولسنا باحثين عن فرصة التقاط أنفاسنا لنعود إلى سيرتنا ذاتها، نحن تعمدنا بدمنا ، لنكون الجديرين بالولادة الجديدة لبلادناالسعيدة، وطن المحبة والحياة، الذي يتسع لكل أبنائه وضحكات أطفاله.هذه الحرب غير كل الحروب التي عرفها التاريخ، كانت حرب الجميع علينا، وحربنا جميعا على بعضنا وأنفسنا، وبلا قواعد وأخلاق، بل لعلنا نستطيع أن نقول :إنها كانت حربا على القيم والأخلاق، وكل ما يمكن أن ينهض عليه شعبنا بعد عشرات السنوات من تقتيل وتجويع وتشريد، واليوم وبعد كل هذا، لا يفيدنا اجترار موتنا وآلامنا، والتحول إلى ندابين نستجدي الرأفة ممن غرسوا سكاكينهم في قلوبنا، إن خلاصنا الوحيد وسبيل حفاظنا على وجودنا وكينونتنا الحضارية بدولة فيدالية مدنية يسودا القانون على الحق والمحبة...
تعليقات
إرسال تعليق