دمسدوس قبل ان تدخل الشياطين
قبل ان تدخل الشياطين
( هذا هو الأصل )
د. محمـــد حيدره مسدوس
قبل أن تدخل الشياطين في لقاء القاهرة و ترفضه بالكامل أو تقبله بالكامل و ترجعنا خطوات إلى الخلف ، كان لا بد من توجيه هذه الرسالة السريعة إلى جميع الجنوبيين في الداخل و الخارج ، و أوجزها في التالي :
أولا: إن عقد اللقاء في حد ذاته يعد مكسبا لقضية الجنوب ، و هو ما ظللنا نطالب به منذ حرب 1994م ، و يعرف ذلك رؤساء الجنوب الاربعه : علي سالم البيض و علي ناصر و الجفري و العطاس . و الآن و قد تحقق في القاهرة بعد حوالي عشرين سنه من حرب 1994م ، فانه يعد مكسبا لا يجوز ضياعه حتى و إن كان متأخرا كل هذه السنين ، و لابد أن يكون الجميع معه من حيث المبدأ ، و ليس من حيث رؤية الأخ حيدر و بيانه الختامي اللذان صدرا بأسم اللقاء . و لذلك فإنني أدعو جميع الجنوبيين في الداخل و الخارج إلى اعتماد ما هو ايجابي في لقاء القاهرة ، و إسقاط ما هو سلبي فيه و اعتباره لم يكن .
ثانيا: إن ما هو ايجابي في لقاء القاهرة ، هو أولا : اللقاء في حد ذاته ، و هو ثانيا : الدعوة الى عقد مؤتمر وطني للجنوبيين ، و هو ثالثا : تكليف الرئيس علي ناصر و الرئيس العطاس بتشكيل لجنة تواصل ، و التي يجب أن تكون لجنه تحضيريه للمؤتمر الوطني المقترح ، سواء سقط النظام أم بقى . أما ما هو سلبي فيه ، فهو رؤية الأخ حيدر التي أصدرها بأسم اللقاء و بيانه الختامي ، لأنهما تبرعا بالتنازل عن قراري مجلس الأمن الدولي ، و عن الهوية الوطنية الجنوبية التي قدم الحراك الوطني السلمي الجنوبي الآف الشهداء و الجرحى و المعتقلين و المشردين من اجلها . فرؤية الأخ حيدر و بيانه الختامي اللذان صدرا بأسم اللقاء لم يعكسا ما جاءت به ورقة الداخل التي ألقاها الأخ محمد باشراحيل و الموجودة لديّ ، و لم يعكسان ما جاءت به ورقة الخارج التي ألقاها الشيخ علي فضل بن هرهره و الموجودة لديّ أيضا ، و إنما عكسا الرؤية الشخصية للأخ حيدر . حيث أكدت ورقة الداخل و ورقة الخارج المشار إليهما أعلاه على نهج الحراك و شعاراته ، بينما الرؤية و البيان على خلاف ذلك تماما . فلو كانت رؤية الأخ حيدر التي تم إخراجها بأسم اللقاء ، هي نتاج لحوار رسمي مع الاخوه في الشمال أو نتاج لحوار مع طرف دولي وسيط ، لكانت معقولة و قابله للنقاش و للاستفتاء من قِبل شعب الجنوب . أما أن تكون نتاج لحوار الأخ حيدر مع نفسه أو حتى نتاج للقاء القاهرة كما صدرت بأسمه ، فأنها في منتهى اللامعقول . كما أنها صيغت بأسلوب الاستجداء و ليست بأسلوب طرف سياسي له قضيه وطنيه مع طرف سياسي آخر مازال ينكرها حتى الآن . صيحيح إن هذا قد يكون متفقا عليه مع طرف شمالي ، و لكن مثل ذلك إستهبالا واضحا لأصحاب هذه الرؤية من قبل هذا الطرف الشمالي .
ثالثا: انه من حق أي جنوبي أن يقول رأيه بحريه كاملة حتى و لو كان مخالفا لرأي الشعب . و لكنه ليس من حقه أن يتكلم بأسم الشعب أو يحدد مصيره دون العودة إليه . و يسمح لي القادة التاريخيون أن أقول لهم بأننا و إياهم لسنا نهاية التاريخ . فما لم نحقق لشعب الجنوب حق تقرير مصيره الذي صادرناه في الماضي و أوصلناه إلى هذه المأساة ، فأن الأجيال القادمة هي الكفيلة بذلك . و عليهم أن يدركوا بأنه لم يصادر حق أي شعب في العالم على تقرير مصيره كما فعلنا بشعب الجنوب ، و لم تستهبل قوى سياسيه في العالم كما أاستهبلنا من قبل إخواننا في الشمال حتى الآن . و المشكلة الأكثر ألماً إن القادة التاريخيين لم يدركوا ذلك ، و لم يدركوا بأن كل أخواننا الشماليين بمن فيهم مشايخ القبائل يستهبلونهم حتى الآن ، و أنا مقتنع بأنهم أكثر ذكاء و أكثر مكرا منهم بكثير ، و أتمنى أن يدرك القادة التاريخيون بأنه كلما أشاد بهم إخواننا الشماليين أكثر كلما استهبلوهم أكثر . فعلى سبيل المثال أعلنت ثورة الشباب في الشمال جمعة وفاء الشعب للجنوب ، و استطاعوا بذلك أن ينتزعوا رضاء و إعجاب قادتنا التاريخيين ، و جعلوهم يشيدون بهذا الموقف لثورة الشباب في الشمال . و لو تأملوا في ذلك لوجدوا بأنه تكريس لعدم الاعتراف بالجنوب كشعب ، و إلاَّ لماذا لم يقولوا جمعة الوفاء لشعب الجنوب ؟؟؟ . و بالتالي ألم يكن ذلك أستهبالا واضحا لهم ؟؟؟ .
رابعا : لقد علمتنا الثقافه الاشتراكيه بان نقول ما في رؤوسنا و ليس ما في الواقع ، و هذه الثقافه مازالت مؤثره علينا . فلم تأت ثوره الشباب في الشمال إمتدادا للحراك الوطني السلمي الجنوب كما يقول الأخ حيدر ، و إنما جاءت تقليدا لثورات الشباب العربية ، و جاءت في الواقع نافيه للحراك ، و هذا ما يقوله قادتهم السياسيون علنا في الإعلام . و مع ذلك فإننا نؤيد إسقاط النظام و لكننا لا نرفع شعاره و لا نتبناه ، لان رفعه أو تبنيه من قبل الجنوبيين هو بالضرورة جزءا من دفن قضيتهم . كما إن قضية الجنوب لم يوجدها التصالح و التسامح كما جاء في الكلمة الختامية للأخ علي ناصر ، و إنما أوجدتها الحرب التي أسقطت الوحدة و حولتها إلى احتلال إستيطاني اسواء من الاحتلال البريطاني و جعلت كل الجنوبيين بلا وطن ، و بالتالي بلا مستقبل بدون الوطن . و لذلك فأن التصالح و التسامح ليس في الكلام العاطفي بين الناس ، و إنما هو في وحدة المصير المشترك لأبناء الجنوب ، وهو لذلك موضوعي لا خوف عليه كما يعتقد القادة التاريخيين الذين شغلوا أنفسهم به كثيرا .
· رفض صالح بالامس التوقيع على المبادره الخليجيه تزامن ذلك مع اجتياح الدبابات لمدينة المنصوره الى اين تتجه الاوضاع في البلد ؟
** كلما عرف اصحاب السلطه و المعارضه بان المبادره لن تؤدي الى دفن قضيه الجنوب كلما تراجعوا عنها ، ولذلك قد تسير الاوضاع نحو الفوضى .
· الجنوب و الرؤيه لما بعد سقوط النظام ، ما الذي على ابناء الجنوب فعله الان في هذه المرحله الحساسه و تحضيرا للعنوان السابق ؟
** قضية الجنوب واضحه و لا تحتاج الى رؤيه ، و انما تحتاج الى سرد لوقائعها . و اذا ما رحل النظام فانه سيكون على النظام الجديد الجلوس مع الجنوبيين لحلها أو استمرار النضال الجنوبي الى ان تحل . اما ماذا يجب عمله الان فهو التحضير لما بعد اسقاط النظام او فشل اسقاطه ، لان ذلك سيخلق وضعا سياسيا جديدا غير ما هو قائم الان .
· تعددت مواقف الجنوبيين تبعا لتعدد المشاريع بين من يدعون الى الفيدراليه و الداعون الى فك الارتباط ، السؤال الشمال لا يعترف و لا يريد مجرد الحديث عن قضية الجنوب لا في السلطه او المعارضه او حتى من قيادات الشباب ، و عليه ما الذي يملكه ابناء الجنوب لفرض ذلك على نظام ما بعد صالح ؟
** سيظل تعدد مواقف الجنوبيين كأراء شخصيه لاصحابها الى ان يصادق عليها شعب الجنوب . اما الرفض الشمالي لقضية الجنوب فهو رفض ارادوي يعتمد على قوة الباطل ، و هو لن يصمد امام قوة الحق التي تجسّد ارادة الله ، و من البديهي بان ارادة الله هي اقوى من ارادة البشر . وبالتالي فان قوة الحق التي نملكها ستعطينا ما يكفي لفرضها على نظام ما بعد صالح .
· سقطت محافظات و مديريات في شبوه و ابين و احتقان تحت الرماد في الضالع و ردفان و حضرموت الا ترى انه من الصعوبه بمكان عودة الامور على ما كانت عليه قبلا خاصه بعد تجربتي الجيش الفاشلتين وهو بعدة و عتاده في دخول صعده و بعدها مدينه الحبلين ؟.
** كل ذلك يخلق ارضية الحوار السياسي الذي لا مفر منه مهما طال الزمن .
· يسأل كثيرون عن سر بقاؤكم عضوا في الاشتراكي بمواقفكم الحاليه التي تناقض تماما ما يطرحه الحزب ضمن تكتل احزاب اللقاء المشترك خاصه فيما يتعلق بالجنوب و السؤال من تخلى عن من هل تخلى الاشتراكي عن جنوبيته ام تخلى مسدوس عن نهج حزبه ؟ .
** الحزب اصله جنوبي ، ولكنه للاسف تخلى عن جنوبيته و انتحر .
· يطرح كثيرون محاوله الاصلاح التفرد بالقرار و تغييبه لشركائه ضمن احزاب اللقاء المشترك ويدللون على ذلك بتصريحات الحزب الاحاديه كتلك التي طالب فيها باطلاق سراح باعوم او اقامته لمخيم منفردا في مدينة كريتر ، بحسب علمكم هل ما يذهب اليه هؤلاء صحيحا و ان صح فما وراء الاكمه اذا ؟ .
** اللقاء المشترك هو الاصلاح ، و الاصلاح هو اللقاء المشترك و لا شئ غيره ، و هو حزب سلفي غايته السلطه مثله مثل بقية الحركات الاسلاميه الاخرى . وهذه الحركات هي مثل الحركات الاشتراكيه تفكر في التوزيع العادل للثروه قبل التفكير في كيفية ايجاد الثروه . و قد ادى بها هذا في التاريخ القديم الى الفشل و ادى بالاشتراكيه من بعدها الى الفشل ايضا ، و سيؤدي الى فشلها في المستقبل بكل تأكيد ، خاصة وان اي تفكير يقوم على هذه القاعده المعكوسه لن ينتظره غير الفشل بشكل حتمي ، لانه في اخر المطاف لن يجد ما يوزعه غير الفقر و التخلف كما حصل في السابق للدول الاسلاميه و للدول الاشتراكيه من بعدها و ادى الى سقوطها . فابجديات الامور تقول بأولوية التفكير في إيجاد الاشياء قبل التفكير في توزيعها . وهذه القاعده العلميه العامه يستحيل عكسها كما فعلت الدول الاسلاميه في التاريخ القديم و كما فعلت الدول الاشتراكيه من بعدها و أدت الى كبح التطور . اما اذا ما اخذت الحركات الاسلاميه الان بهذه القاعده العلميه ، فانها بذلك تصبح علمانيه و ليبراليه بإمتياز و تفقد طابعها الديني الذي تدعيه حتى و ان تمسكت بلباسها الديني كما هو حاصل في تركيا .
· في حالة سقوط النظام سلميا و تسلمت احزاب اللقاء المشترك و شرؤكاؤهم في الساحه الان السلطه اتعتقد بمقدور هؤلاء اعطاء الجنوبيون و ان شراكه حقيقه في السلطه و الثروه ام ان خطاب واحدية الثوره سيكرس مجددا كقميص عثمان لمواصلة الاستحواذ على ثروات الجنوب ؟.
** شعب الجنوب لا يبحث عن صدقه ، و انما يبحث عن هويه تؤمن له مليكة ارضه و ثروته ، لانه بدون ذلك سينقرض بالضروره .
· تداعت عدد من الشخصيات الجنوبيه في صنعاء الى اصدار بيان اكدوا فيه على ضرورة تمسكهم بحل القضية الجنوبيه ، هل تعتقد ان خطوه كهذه من شخصيات جنوبيه مهمه قد تسهم في الدفع بمراكز القرار الشمالي الى الجلوس مع الاطراف الجنوبيه ؟.
** نعم ولا شك في ذلك ، و هم يشكلون رافداً قوياً للقضيه و للحراك الوطني السلمي الجنوبي .
· بحكم مكوثكم في صنعاء لفتره طويله ، بصراحه هل الاخوه في الشمال كنخب و شعب على استعداد لتقاسم ثروات الجنوب مع شعب الجنوب خاصة و ان المشترك كتكتل سياسي الى الان لم يحدد رؤيته لماهيه حل القضيه الجنوبيه هل بالفيدراليه ام بالشراكه بين طرفي الوحده و بالتالي تقاسم السلطه و الثروه ، انتم كيف تنظرون الى موقف المشترك حيال هذه النقطه بالذات ؟ .
** للاسف ان كل المنحدرين من الشمال في السلطه و المعارضه ينطقون بكلمة الوحده و لا يمارسونها ، او انهم لا يفهمون معنى الوحده و فاقد الشئ لا يعطيه . و في كلا الحالتين الكره في ملعبهم .
· هل انتم على تنسيق مع القيادات الجنوبيه في الخارج ؟ .
** نعم نحن على اتصال معهم .
· الشارع الجنوبي مازال متعشم حول مشروع العطاس ، هل برأيكم هذا المشروع يلبي طموحات الجنوب ؟ .
** ما جاء به العطاس قد يكون رأي الاغلبيه في الخارج ، وهو محاوله الى ايجاد حل لقضية الجنوب ، ولكنه يظل رأي شخصي لاصحابه حتى يصادق عليه شعب الجنوب .
· هناك تحركات يقوم بها المشترك مع معارضة الخارج بحل توافقي للقضية الجنوبيه ما موقفكم من هذه التحركات ؟.
** اي حل يكون مشروطا بإستفتاء شعب الجنوب عليه نحن معه حتى ولو كان الوضع القائم حاليا ذاته .
· الاخوه في الشمال الى اليوم لم يعترفوا صراحه بالقضية الجنوبيه بل و يحاولوا تهميشها اعلاميا هل هذا اعاده لسيناريو 1994م ؟ .
** ليس هناك من مفر للاخوه في الشمال من الاعتراف بقضية الجنوب و الجلوس للحوار مع الجنوبيين من اجل حلها مهما طال الزمن ، و عليهم ان يدركوا بانهم لم يفعلوا غير ضياع الوقت .
تعليقات
إرسال تعليق