المحامي يحيى غالب

--
*(ابوسهيل2011*)

هل تراجع واشنطن سياساتها تجاه جنوب اليمن ؟؟

بقلم المحامي \يحي غالب الشعيبي

الجميع يدرك بل يعترف ان واشنطن تعتبر المركز العالمي لصنع القرار
الدولي والاستراتيجي بعد اختلال ميزان القوى الدولي وتفرد واشنطن بالقوة
السياسية والاقتصادية والعسكرية ,والشعوب المقهورة في العصر الراهن
لايهمها من يمسك زمام القرار الدولي الاستراتيجي بقدر مايهمها من يقف الى
جانبها لرفع الظلم والقهر عن كاهل تلك الشعوب ونصرة قضاياها العادلة .

والمتابع السياسي لايجد نفسه في حيرة من أمره لعدم استقامة ميزان العدالة
الدولية فحسب بل الحيرة الكبرى بالنسبة لنا في جنوب اليمن (جمهورية اليمن
الديمقراطية ) والتي كانت دولة معترف بها دوليا منذ عام 1967م وحتى مايو
عام 1990م بعد ان وقعت مع الجمهورية العربية اليمنية اتفاق دولي لوحدة
بين الدولتين لكن نظام الجمهورية العربية اليمنية نقض ذلك الاتفاق
الدولي باعلان الحرب على الجنوب وفض الشراكة الدولية وكانت الولايات
المتحدة الأمريكية وفي مدينة نييورك موقفها واضح وصريح وشجاع تجاه رفض
سياسة الحرب على الجنوب وكانت السيدة مادلين أولبرايت ممثل الولايات
المتحدة في اجتماعات مجلس الأمن الدولي أكثر صراحة ووضوح في رفض الحرب
على الجنوب كماهو مثبت في محاضر اجتماعات مجلس الأمن وهو الموقف الذي
أجمعت علية مداخلات ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية والثابت في محاضر
مجلس الأمن الدولي في جلسة

29/6/94م بمحضر جلسة رقم (3394) أجمعت هذه الدول على عدم جواز فرض الوحدة
بالقوة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ,هذه المواقف التي جاءت من روح القانون
الدولي وانعكاسا للموقف الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي وموقف
الجامعة العربية ,

لايحيرنا تراجع موقف واشنطن من قضية شعب الجنوب فحسب بل مايبعث على
الحيرة أكثر الموقف المساند والداعم لنظام صنعا العسكري برئاسة علي عبدا
لله صالح وتشجيعه على جرائمه الواقعة ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة
الجماعية في الجنوب وتشجيع سياسته الممنهجة لطمس هوية شعب الجنوب وانتهاك
قواعد القانون الدولي ,هناك شواهد مؤلمة لسياسة واشنطن تجاه شعب الجنوب
أهمها مايلي :

أولا: تجاهلت واشنطن ممارسات نظام صنعا وتجاوزه لقرارات الشرعية الدولية
في صيف 1994م ودعمه سياسيا طيلة فترة مابعد احتلال الجنوب عسكريا وفيما
بعد استخدم نظام (صالح ) العسكري القمعي سياسة خلط الأوراق للقضاء على
الحراك الجنوبي السلمي منذ انطلاقته قبل خمسة أعوام كحركة شعبية سلمية
تحررية تطالب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي رقم (924\931) واستعادة
دولة الجنوب ,حيث انتقل نظام صالح في منتصف 2009م بعد عجزه عن إجهاض
الحراك الجنوبي من خلال جرائم القتل وسفك الدماء والاعتقالات للمدنين
انتقل إلى سياسة خلط الأوراق واستدراج (واشنطن ) إلى جانبه في تنفيذ تلك
السياسة من خلال رسم سيناريو مكافحة الإرهاب في الجنوب وتزامن طلعات
الطيران العسكري صباح كل خميس تزامنا مع المسيرات السلمية الأسبوعية
الحاشدة وفتح حاجز صوت الطائرات وضرب مدن الجنوب وترويع سكان الجنوب
والمتظاهرين السلميين وتوج ذلك المسلسل بالجريمة البشعة المروعة الواقعة
ضد الإنسانية في منتصف ديسمبر 2009م (جريمة المعجلة ) بمحافظة أبين والتي
راح ضحيتها المئات من السكان المدنين والأطفال والشيوخ والشباب بالقصف
الصاروخي للطيران العسكري تلك الجريمة التي هزت الضمير الإنساني ولكن
الحزن المضاعف للجنوبيين هو الموقف الأمريكي المؤيد لتلك الجريمة والذي
جاء من خلال تهنئة الرئيس الأمريكي المستعجلة لعلي صالح بنجاح الضربة
العسكرية التي كانت مصيدة وفخ لواشنطن وهو ما أكده فيما بعد رشاد العليمي
نائب رئيس الوزراء اليمني بأنه حدث خطاء في الضربة العسكرية ولا يوجد
هناك عناصر إرهابية وهو ما أكدته أيضا لجنة تقصي الحقائق لمجلس النواب
اليمني باستهداف سكان مدنيين جنوبيين ,هذه الجريمة البشعة التي تزامنت
بنفس يوم وصول بعثة منظمة هيومن رايتش ووتش الحقوقية الى العاصمة
الجنوبية عدن لتقصي الحقائق عن جرائم نظام صالح العسكري والتي جاء بتقرير
منظمة هيومن رايتش ووتش ان نظام صالح يستخدم المساعدات الأمريكية لمكافحة
الإرهاب ضد المعارضين السلميين في جنوب اليمن ,وعدم ارتباط الحراك السلمي
الجنوبي بالإرهاب مطلقا.

ثانيا: حاول نظام (صالح ) منذ احتلال الجنوب تركيع ابنا الجنوب وفرض واقع
جديد عليهم بالقوة العسكرية تارة وتارة من خلال الشرعية الدستورية
المرفوضة المتمثلة بالانتخابات المزيفة والتي ظل شعب الجنوب يرفضها ويحدد
موقفه منها كل مرة ومنها انتخابات المحافظين المزعومة التي رفضها شعب
الجنوب منتصف 2008م والمؤسف أيضا هو الموقف الرسمي الأمريكي المتمثل
بالرسالة من الرئيس الأمريكي الى علي عبدالله صالح والثنا والإشادة
بموقف صالح ومحاولة اضفا شرعيته المفقودة بالجنوب ,وكان صالح يغالط
واشنطن من خلال إيهامهم بتنفيذ التزاماته لمجلس الأمن الدولي الذي التزم
بها بتاريخ 7يوليو عقب احتلال الجنوب1994م ومن ضمنها (بنا دولة المؤسسات
على ضؤ وثيقة العهد والاتفاق )والحكم المحلي واسع الصلاحيات ,أو نظام
الفيدرالية .

ثالثا:ظل ومازال الحراك الجنوبي السلمي التحرري يناشد المجتمع الدولي
وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية إلى التدخل العاجل ووضع حد لمعانات
شعب الجنوب من المجازر الجماعية والفردية الوحشية ضد المدنيين السلميين
ويطالب الحراك الجنوبي المجتمع الدولي وبالذات واشنطن بعدم تصديق روايات
نظام صالح ومنها (ورقة الإرهاب وتنظيم القاعدة ) والتوضيح ان دولة
الجنوب هي الوحيدة بالمنطقة التي كان قانونها العقابي يجرم إعمال
الإرهاب بعقوبة الإعدام في المواد 104 و105هذه المواد ظلت سارية النفاذ
حتى يوليو 1994م واحتلال الجنوب وصعود القوى الجهادية الى سدة الحكم
السياسي والتشريعي تم ألغا هذه النصوص ,ولم تستجيب الولايات المتحدة
الصديقة لرسالة الحراك السلمي الجنوبي بأن الحراك الجنوبي شريك حقيقي في
محاربة الإرهاب بل مستهدف أساسي ورئيسي من الإرهاب منذ عام 1990م بعد
توغل الخلايا الجهادية الى الجنوب واغتيالات شخصيات جنوبية سياسية وتفجير
مباني حكومية ومشاركتها في حرب 1994م واحتلال الجنوب,لكن حيل ودسائس
وخديعة نظام صنعا كانت للأسف تنطلي على واشنطن وكان أخرها جريمة إحراق
زنجبار بمحافظة ابين وتدمير مساكن البسطا وقتل الأطفال والنسا والشيوخ
والشباب تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وفي الأساس هو استهداف لمحافظة ابين
كمعقل اساسي للحراك الجنوبي بعد ثبوت تسليم سلطات صنعا المعسكرات
والمؤسسات في المحافظة لعناصر الأمن المركزي والأمن القومي وأعوان السلطة
التي تطلق عليهم (عناصر القاعدة ) القاعدة الوهمية الوجه الأخر لنظام
صنعا ,الموسف أيضا الموقف الأمريكي الرسمي لسعادة السفير الأمريكي يصنعا
في برقيته الى نظام صنعا عشية 11 سبتمبر الجاري 2011م بمناسبة نجاح الجيش
اليمني في القضا على تنظيم القاعدة في زنجبار ,وهي مباركة أخرى على جرائم
نظام صنعا ضد سكان الجنوب المدنيين أما العناصر الإرهابية (الوهمية )
والمزعومة فلم يتم القضا عليها بل مستمرة في الاشتباكات الصورية والوهمية
في زنجبار وسقوط قتلى من الجنود البسطاء المغرر بهم ومن المدنيين بتاريخ
13سبتمبر بعد إعلان الحسم العسكري الوهمي ,وقد أجاد نظام صنعا وهو يتهاوى
اللعب السياسي بتوقيت الحسم الوهمي عشية ذكرى 11سبتمبر المشؤؤمة.وقبلها
جريمة مصنع الذخيرة في ابين ايضاالتي راح ضحيتها أكثر من مئتان شخص
مدنيين قتيل وجريح خطط لها نظام صنعا العسكري لإحراق الجنوب وتوريط
واشنطن بتلك الجريمة التي تناقلت بعض وسائل الإعلام عن هجوم صاروخي من
البحر الى مصنع الذخيرة ,

رابعا: لا نعلم هل مركز صنع القرار الدولي (واشنطن ) يستشف معلوماته من
نظام صنعا (الخادع ) وهل سياسة واشنطن الضبابية والغير واضحة تجاه الجنوب
بشكل خاص واليمن بشكل عام سببها المعلومات الخادعة المظللة من نظام صنعا
,حيث ان الثقة الدولية بالولايات المتحدة كبيرة بعراقة أجهزتها السياسية
والاستخبارية ودقت معلوماتها ولكن المواقف الأمريكية غير الصائبة والتي
تعبر واشنطن عن استيائها مؤخرا عن تلك المواقف كما جاء على لسان (أستاذ
الجغرافيا السياسية بجامعة واشنطن) في قناة الحرة بقولة ان واشنطن اكتشفت
ان نظام صالح يقوم بالتظليل السياسي على واشنطن تحت ذريعة مكافحة الإرهاب
في اليمن ليقوم نظام صالح باستخدام تلك الإمكانات الأمريكية والدعم لضرب
الحركات الاحتجاجية السلمية ,لكن الغريب بعد إحداث جامع (جمعة النهدين
3يونيو) ومحاولة اغتيال صالح وكبار شخصيات الحكومة والبرلمان وغيرهم ,حين
أجمعت كل الدوائر السياسية والإعلامية على تعرض صالح لجروح بالغة وإصابات
وحروق وغيرها باستثنا موقف وزارة الخارجية الأمريكية المعلن كالاتي(
معلومات مؤكدة بعدم تعرض صالح لأي إصابات في حادث جامع النهدين) ,لانعلم
ماهو الهدف من هذا الموقف المعلن الذي جاء بعد اتهام المستشار الإعلامي
للرئيس صالح لواشنطن بجريمة جامع النهدين ومحاولة اغتيال صالح ,اليوم
الإحداث تتسارع في صنعا ومدن الشمال وفي الجنوب أيضا لكن موقف واشنطن
يشوبه الغموض حيث قال الشيخ صادق الأحمر في مقابلة متلفزة مؤخرا بان من
يدير أوضاع البلد سعادة السفير الأمريكي بصنعا بالهاتف ,اليوم أيضا نشاهد
موقف امريكي جديد فحواه (واشنطن تأمل انفراج الأزمة بين الحكومة
والمعارضة اليمنية في غضون أسبوع كما أوردته قناة الجزيرة ) اليوم
17سبتمبر هذا الموقف المغيب لثورة إسقاط النظام واعتبار الوضع (أزمة)
وليس ثورة في الشمال وهذا التوقع الزمني (أسبوع) لازالت واشنطن تعلق
الآمال على شرعية صالح الدستورية التي تصادف ذكراها الخامسة 24سبتمبر
الجاري ,ان إصرار واشنطن على إظهار شرعية دستورية وهمية لعلي عبدا لله
صالح يعتبر شرعنه لاحتلال الجنوب وشرعنه لحرب 1994م ومخالفة للقانون
الدولي وتراجع سياسي لمواقف واشنطن تجاه الجنوب,

لماذا البحث عن شرعية مفقودة ومحاولة طمس وإغفال شرعية الحراك السلمي
التحرري في الجنوب وتجاهل شرعية ثورة إسقاط النظام في الشمال ؟

لماذا عدم الاعتراف بمبدأ تقرير مصير الشعوب واحترام إراداتها المستوحاة
من ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ؟؟

ان الحراك السلمي التحرري الجنوبي يتطلع إلى شراكة حقيقية مع واشنطن في
مكافحة إرهاب نظام صالح او أي شكل من اشكال الخلايا الإرهابية وفي نفس
الوقت يطالب واشنطن بإعمال القانون الدولي وعدم تغييب قواعده والسماع
لمطالب شعب الجنوب المشروعة وتحريك ملف الجنوب السياسي في أروقة مجلس
الأمن منذ 1994م وتحريك ملف جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها
نظام صالح منذ احتلال الجنوب وحتى اليوم ومراجعة سياساتها السابقة تجاه
الجنوب.

المحامي يحي غالب الشعيبي

قيادي في الحراك الجنوبي السلمي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهداء الجنوب محافظة لحج ---

مسيرة الزحف الى عدن --- ردفان