دعاء سويدان ---- التسويق السياسي
مقدمة:
مفهوم التسويق
السياسي
كلمة التسويق في معجم
روبير الصغيرpetit Robert تعني مجموعة تقنيات وطرق تهدف إلى إيجاد
إستراتيجية تجارية بكل ما تحمله من مضامين وعلى الأخص دراسة الأسواق التجارية .
إذا كان منطلق
التسويق هو نشاط اقتصادي وتجاري يستهدف الأسواق، فإنه في السياسة، يعمل على تغيير
سلوك الرأي العام، وجعله منضوياً تحت مجموعة أفكار ومبادئ سياسية . ويحتوي على
نقاط رئيسة تروج وتتبنى الأفكار والأيديولوجيات والسياسات التي يراد تسويقها،
والتي تعتنقها الدول المسوقة لهذه السياسات عبر الإعلام .
يبرز مصطلح
التسويق السياسي استخدام تقنيات ومبادئ التسويق لشرح وعرض قضية سياسية ومجموعة
أفكارها. وهنا يمكننا أن نحلل ماهيات المفهوم العملاني لمصطلح التسويق السياسي،
الذي يحتوي على فكرة سياسية أو منتج سياسي ومسوقين سياسيين، كأن يكون هناك دولة أو
حزب أو منظمة أو تيار .. الخ، وكذلك تقنيات الاتصال الإعلامي وكافة وسائل الإعلام
والتحرير المبدع للرسائل الإعلامية السياسية المراد تسويقها .
يعرّف فيليب
كولتر التسويق بأنه: "التحليل والتنظيم والتخطيط والسيطرة على نشاطات وعلى
استراتيجيات وعلى موارد المشروع التي تؤثر تأثيراً مباشراً في الزبون، بقصد إشباع
رغبات واحتياجات مجموعة الزبائن المختارين بشكل مريح ".
نظرية التسويق
السياسي كما يراها باران ودافست ، ليست بناءً فكرياً موحداً ، ولكنها تجميع أو
توليف للنظريات الخاصة بتسويق المعلومات أو المعرفة التي تتبناها الصفوة لتكتسب
القيم الاجتماعية ، وتعتبر ، في الوقت نفسه، امتداداً لنظريات الإقناع ونظرية
انتشار المعلومات، حيث تهتم أساساً بالمداخل والجهود المختلفة لزيادة تأثيرات
وسائل الإعلام في مجالات الحملات الإعلامية.
السوق السياسية
هي مجموعة من الناخبين، ومن الأحزاب والمرشحين، هذا في الداخل المحلي، أو الوطن..
أما على الصعيد العالمي والدولي، فنحن اليوم في عصر العولمة، وأحادية النظام الدولي،
حتى إشعار آخر.. أي أننا تتحدث عن المجتمع الدولي وما يحمله من مفاهيم تسويقية
سياسية إلى معظم بلدان المعمورة .
ميكانيزمات
التسويق السياسي عبر الإعلام
يستند التسويق
السياسي عبر الإعلام إلى القوة الهائلة لأسس الدعاية ومقوماتها السيكولوجية ، وقد
تتعدى إلى الباراسايكولوجية وإلى دراسة واستخدام خصائص وسلوكيات الرأي العام
المستهدف.
وعليه فإنها تقوم بتوظيف نتائج بحوث الإقناع
وانتشار المعلومات في إطار حركة النظم الاجتماعية والاتجاهات النفسية بما يسمح
بانسياب المعلومات وتأثيرها من خلال وسائل الإعلام، عاملة على خلق طرق لتحقيق
الهدف الرئيس من عملية التسويق السياسي عبر الإعلام، ومنها:
طرق، أو وسائل
إغراء المتلقين من أجل ترويج الأفكار أوالشخصيات ليدرك المتلقون وجودها، وتصويب
الرسائل أو استهداف فئة معينة من الجمهور، وتدعيم الرسائل الموجهة إلى الجمهور
المستهدف، وتشجيع هؤلاء الناس على التأثير في الآخرين من خلال الاتصال المباشر أو
المواجهي، وغرس الصور الذهنية والانطباعات للناس، مثل الصورة الإعلانية. حيث عملية
التعرض إليها تتم بشكل مستمر وشبه إجباري. والحث على إثارة اهتمام المتلقين،
وإغرائهم بالبحث عن المعلومات .
تجدر الإشارة
هنا، إلى أن عملية الاهتمام بالمعلومات تزداد عندما يتعلق الأمر بالأفكار
والشخصيات.
وكذلك الأمر،
إثارة الرغبة لدى الجمهور في اتخاذ القرارات أو المواقف ليستعدوا للتحرك نحو اتخاذ
القرار، وبالإمكان تصنيفهم في الترتيب غير الواعي للأولويات، وعلى أهبة الاستعداد
لاتخاذ المواقف دون عناء، ودون خوض مناقشة حادة.
هذه العمليات
المستخدمة، تستخدم رجع الصدى لتقييم الانجاز وتغيير الرسائل مع التمسك بالأهداف.
وإذا ما تبدت عمليات رفض أو عدم قبول من المرسل إليهم، فإن الرسائل الجديدة تصاغ
بطريقة تحافظ على الهدف مع تغير في الشكل.
إن التسويق
السياسي يتم من خلال النخبة المسيطرة على المجتمع. من هنا لا بد من أن تكون برامج
حملات التسويق السياسي الإعلامية متبادلة حوارياً بين النخبة وعموم فئات الشعب بطريقة
تشعرهم أنها لصالحهم .
وهنا، يمكننا
الحديث عن خمس نقاط تحدد التسويق السياسي من خلال الأداء الإعلامي ضمن عمليات
التفاعل المتبادل .
الأولى: توجب علينا معرفة أن المعلومات المكونة للرسائل المسوقة
هي جزء هام من المنظومة الإعلامية المستخدمة. هذا الأمر يحدونا إلى اختيار
المعلومات المراد تسويقها سياسياً، وصياغتها في أشكال صحفية تسهل عملية نشرها
وبثها .
الثانية: توجب معرفة أن المعلومات أو الرسائل المراد تسويقها عبر
الإعلام ترتبط وتتأثر بشكل كبير بالقيادات والقوى المتحكمة بالمجتمع .
الثالثة: توجب علينا أن نفهم أن العلاقة بين مرسلي الرسائل
المراد تسويقها والسياسة المتبعة في المؤسسات الإعلامية المستخدمة في ذلك، يجب أن
تكون منسجمة وهمّ الذين يحددون السياسة التحريرية أو يؤثرون عليها بشكل كبير،
وبطريقة تحدد أولويات النشر والبث، وتحدسد الممنوعات والقواعد الخاصة بذلك .
الرابعة: توجب التيقن والالتزام بأن المسوِّق السياسي هو من ينتج
أو يشرف على إنتاج الرسائل في المؤسسات الإعلامية.
الخامسة: تحدونا إلى معرفة أن معدي الرسائل المسوقة عليهم التيقن
بأن رسائلهم قد أفضت إلى تفاعلات واستجابات متساوقة مع أهداف الرسائل من قبل
الجمهور المتلقي . ومن المطلوب بقوة أن يسبق ذلك اللجوء إلى الأبحاث الأولية عن
معارف الجمهور المستهدف واتجاهاته وعاداته وقيمه وسلوكه حتى يتمكن المسوقون
السياسيون من الوقوف مسبقاً على ردّ فعل الجمهور المستهدف. وبذلك يمكن تطويعه
ودفعه إلى الاستجابة لعملية التسويق السياسي عبر العمليات الإعلامية.
المنتج السياسي
تنطلق منه الأفكار السياسية أو الأيديولوجية والممارسات والتطبيقات الميدانية. من
الأفكار نتلمس المعتقدات والاتجاهات والقيم. ومن الممارسات والتطبيقات نتلمس العمل
والسلوك.
كل لعبة سياسية
ترتكز إلى تسويق معين لنجاحها. وإن أصحاب اللعبة السياسية يستندون إلى التسويق
السياسي بكل وسائله للوصول إلى سدة الرئاسة أو السلطة. ولهذا فإن عدداً من
السياسيين يفهمون مدى تأثير التسويق السياسي على الجمهور، وكيفية جذبهم واللعب على
النواحي السيكولوجية والاجتماعية للجمهور، وبالتالي فإنهم يفهمون التسويق السياسي
على أنه نوع من أنواع الدعاية المعاصرة بحسب الطريقة الأميركية. غير أن التسويق
السياسي هو شيء آخر.
فالدعاية هي جزء من التسويق السياسي المستند إلى
أدوات الاتصال الجماهيري التي تساعد القادة السياسيين على إيصال رسائلهم أو
حملاتهم. والقادة، اليوم، يعتمدون على خبراء في التسويق السياسي، ويرسمون لهم
الخطط العملية التي يتبعونها أثناء حملاتهم .. من هنا يمكننا أن نفهم أن من دون
وسائل الاتصال بالجماهير لا يستطيع أحد، خارج الحلقة السياسية، الاطلاع على
الأحداث السياسية.
إن البيئة السياسية تبنى من قبل وسائل الإعلام.
لأن هذه الوسائل وحدها القادرة على أن تعرفنا بهذا الواقع. إذ لا يمكن، أو ربما
يمكن بصعوبة، التهرّب من تأثير عملية الهيكلية السياسية التي تبثها وسائل الإعلام.
ويمكن أن نقول، إن وسائل الإعلام أبعد من أن تشكل سلطة رابعة ضعيفة نوعاً ما، بل
هي حصيلة السلطة الاجتماعية ككل.
نموذج
عملاني للتسويق السياسي: الإنتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة
الانتخابات الرئاسية التعددية في مصر حلم راود المصريين لعقود طويلة, و بعد
طول انتظار خرج من قمقم الانتظار مارد الإنتخابات.
لم تكن الانتخابات الرئاسية في مصر عادية, لأن الظروف التي كانت تحيط بها
لم تكن طبيعية, تحديات كثيرة واجهت العملية منذ البداية و استمرت طوال الفترة
الفاصلة بين فتح باب الترشيحات و لم تنتهي مع اعلان النتائج.
و بما أن أية دراسة لا تستقيم الا بتقديم لمحة عن البيئة التي جرت
الانتخابات في ظلها.
حسب الرواية الرسمية هذه الانتخابات هي ثاني انتخابات رئاسية تعددية في
مصر, لكن الحقيقة تقول إنها الأولى, نظراً للشروط التعجيزية التي كانت تفرض في
المرات السابقة و الدستور الذي كان يفرض إجراءات من غير اليسير إن لم نقل من المستحيل
تحقيقها.
في الفترة السابقة لاندلاع ثورة 25
يناير، انتقد
سياسيون وحقوقيون بشدة المواد 76 و77 و88 من الدستور المصري وطالبوا بتعديلها. فاعتبرت القوى السياسية أن المادة 76 تضع قيودا
يستحيل تنفيذها للترشح لرئاسة الجمهورية، وطالبت بتعديل المادة 77 التي تتيح لرئيس
الجمهورية بالترشح لمدد أخرى، وطالبت بتعديل المادة 88 لتوفير إشراف قضائي كامل
على الانتخابات.
للتغلب على هذه الشروط التي اعتبرها
السياسيون تعجيزية، قدم الكاتب الكبير محمد
حسنين هيكل في 28 أكتوبر 2009 اقتراحًا
بإنشاء مجلس من الخبراء - مثل عمرو موسي ومحمد
البرادعي والعالم أحمد زويل وجراح القلب الشهير مجدي يعقوب وحازم
الببلاوي ومنصور
حسن ومدير المخابرات العامة عمر سليمان - تكون مهمته صياغة دستور جديد والترتيب لانتقال السلطة على أن يشرف
الرئيس مبارك بنفسه علي هذه المرحلة الانتقالية.
لم تجر الانتخابات الرئاسية في ظروف طبيعية, و قد شهدت الساحة المصرية
جوا من عدم الاستقرار, يقارب الفوضى الأمنية, كما أن استبعاد المرشحين المتكرر جعل
الحملات الانتخابية في حالة من الارباك, أضف إلى ذلك عدم التكافؤ في الامكانيات والدعم
الاعلامي والسياسي والمالي بين المرشحين.
الحملات الانتخابية
هذه الحملات كانت بحكم
النظام الانتخابي على جولتين:
الجولة الأولى ضمت
جميع المرشحين ال13, في حين كانت الجولة الثانية محصورة بين مرشحي الاحتياط اذا
أمكن التعبير, مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي, و مرشح الحزب الوطني أحمد شفيق.
في الجولة الأولى خاض
13 مرشحا الانتخابات الرئاسية , و حاول القيمون على حملة كل مرشح كسب تعاطف الشعب
المصري بطريقتهم الخاصة لناحية طرح الشعارات و المشاريع التنموية و التغيير و كذلك
الاستعانة بقادة الرأي العام LEADERS أو دعم النجوم CELEBRITY ENDORSEMENT.
و لكن سنقصر بحثنا
على المرشحين الجديين " الكبار" الذين لاقوا أكبر هامش في الحملات و التغطية, وهم أحمد شفيق, حمدين
صباحي, عمرو موسى, محمد مرسي، محمد سعيد العوا، وعبد المنعم أبو الفتوح.
أحمد شفيق
تقدم أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد محمد حسني
مبارك، للانتخابات مستقلًا مؤيدًا من 62,192 مواطنًا، ولكن لجنة الانتخابات استبعدته بموجب قانون العزل السياسي الذي صدّق عليه المجلس العسكري يوم 24 أبريل 2012، ثم أعادته بعد يومين
بعد أن طعن أمام اللجنة في القانون مستنداً إلى أن القانون الجديد غير دستوري.
وبعد عودته، وجهت له عدة اتهامات بالفساد وإهدار
المال العام من بينها اتهام عصام سلطان النائب بمجلس الشعب
ونفى شفيق هذه الاتهامات.
ركز شفيق في دعايته
على قدرته على إعادة الأمن للشارع سريعًا، واستطاع أن يجذب أنظار الناخبين من خلال
إعلاناته المشوقة مثل لافتات الطرق التي حملت كلمة "الرئيس" فقط لمدة
طويلة وجاءت بعدها صور شفيق وشعاره ورقمه الانتخاب. عارض عدد من التيارات
السياسية - منها التيار الإسلامي - ترشح شفيق، ووصفته هذه التيارات بأنه من فلول
النظام السابق. من جانبه تبادل شفيق الاتهامات
مع الإسلاميين ووصف مسؤول حملته السباق الانتخابي بأنه منافسة ضد "الرايات
السوداء" قاصدًا التيار الإسلامي.
حمدين صباحي
مع أن حمدين صباحي هو مؤسس حزب الكرامة الناصري ولكنه ترشح
مستقلًا ومؤيدًا من 42,525 مواطن. رفعت حملته الانتخابية شعار «صباحي... واحد مننا»، كما أنه كان دائم
التذكير أنه ينتمي إلى أسرة من الفلاحين للتدليل على قربه من المواطن البسيط
ولذلك ركز برنامجه الانتخابي على محاربة الفقر ودعم أبناء الطبقة المتوسطة والفلاحين.
تصاعدت شعبيته بسرعة
كبيرة خلال الأسبوعين الأخيرين قبل بداية التصويت، فحاز على تأييد
العديد من رموز التيار الناصري ومن بينهم عبد العظيم المغربي، بالإضافة إلى عبد
الحكيم عبد الناصر أصغر أبناء الزعيم جمال عبد الناصر كما أيدته العديد من الشخصيات العامة، فكان الأكثر شعبية بين الفنانين بحسب جريدة الوفد والذي كان من ضمنهم صلاح السعدني وخالد الصاوي وفردوس عبد الحميد ونبيل الحلفاوي وخالد صالح وخالد النبوي والمخرج خالد يوسف الذي رافقه يوم
الإدلاء بصوته. وأيدته كذلك والدة خالد سعيد والأدباء بهاء طاهر وعلاء الأسواني ويوسف القعيد وشاعر العامية عبد الرحمن الأبنودي والناشط السياسي أحمد حرارة.
عبد المنعم أبو الفتوح
عبد المنعم أبو الفتوح هو عضو سابق في مكتب إرشاد الإخوان المسلمين، تم فصله من الجماعة
وذلك لإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية في مخالفة لقرار مجلس الشورى الجماعة الرافض
لخوض الانتخابات. ولكن تراجع الإخوان
عن قرار عدم خوض الانتخابات لاحقًا وقدموا محمد مرسي للترشح.
نجح أبو الفتوح،
الناقد العلني لسياسات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والنظام السابق، في تشكيل ائتلاف متنوع التوجهات لدعمه. فدعمته مجموعة
من الشخصيات الشبابية الثورية مثل وائل غنيم وبلال فضل. كما حاز أيضا على
تأييد العناصر الأكثر محافظة مثل حزب النور والدعوة
السلفية.
وانضم كذلك حزب الوسط وحزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية لمجموعة مؤيديه.
عمرو موسى
كشف عمرو موسى، الأمين العام
السابق لجامعة الدول العربية في 27 نوفمبر 2011 عن نيته خوص الانتخابات الرئاسية
وقرر حزب الوفد دعمه بعد انسحاب منصور حسن من السباق الانتخابي.
دعا موسى لاعتماد النظام الرئاسي بالرغم من مطالبة
باقي المرشحين بالنظام نصف رئاسي، فيما تدعو جماعة الإخوان المسلمين إلى اعتماد النظام البرلماني لاحقًا بعد المرور
بفترة انتقالية من النظام نصف الرئاسي. وأعلن موسى برنامجه
الانتخابي يوم 18 أبريل 2012 من عزبة الهجانة في القاهرة، أحد أكثر
المناطق العشوائية فقراً وتهميشاً.
ويركز البرنامج على
تنفيذ ثلاثة مشروعات اقتصادية عملاقة لخلق خريطة اقتصادية جديدة لمصر من خلال تحويل الممر
الملاحي لقناة السويس إلى مركز عالمي
للتجارة والصناعة والخدمات اللوجستية للسفن، وتنمية سيناء تنمية شاملة، وتنمية الساحل الشمالي الغربي وإنشاء تجمعات عمرانية جديدة فيه.
قدم موسى نفسه بأنه
«رجل الدولة»، معتمدًا على خبرته الطويلة في العمل السياسي كما أبرز مكانته الدبلوماسية
الدولية مصرحًا أنه يستطيع انتشال مصر من أزمتها الاقتصادية عن طريق اتصالاته
الهاتفية مع زعماء ورؤساء دول العالم.
وتعهد بعدم الترشح
لدورة رئاسية ثانية إن فاز في الانتخابات. فيما يصفه معارضوه بأنه من ضمن فلول نظام مبارك وذلك لكونه وزيرًا للخارجية منذ 1991 وحتى 2001. من جانبه يرفض موسى
ذلك تماما ويفتخر بالسنوات العشر التي قضاها في الخارجية ويصفها بالمليئة
بالإنجازات لخدمة مصالح مصر.
محمد مرسي
تراجعت جماعة الإخوان المسلمون عن قراراها السابق بعدم خوض الانتخابات الرئاسية، حيث أعلن المرشد
العام للجماعة، محمد بديع، في 31 مارس 2012 ترشيح نائبه خيرت الشاطر بالاتفاق
مع الجناح السياسي للجماعة، حزب الحرية والعدالة.
وقررت الجماعة
كذلك الدفع بمحمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، مرشحًا احتياطيًّا تحسبًا لاحتمالية وجود معوقات قانونية تمنع ترشح
الشاطر وبعد أن استبعدت
لجنة الانتخابات الرئاسية الشاطر بالفعل، أصبح محمد مرسي المرشح الرئيس للجماعة.
حمل مرسي لواء "مشروع النهضة" كبرنامج انتخابي، وهو المشروع الذي
أعده عدد من كوادر جماعة الإخوان المسلمين تحت إشراف خيرت الشاطر نائب
المرشد العام للجماعة. كما قدم
مرسي نفسه كمرشح محافظ يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ومن ثم نجح في نيل دعم الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح.
ونظمت حملة محمد مرسي مؤتمرات شعبية حاشدة في استادات مصرية مختلفة،
كما اصطف عشرات الآلاف من أنصار مرسي في سلسلة بشرية تنتشر
بين محافظات مصر حاملين صوره تأييدًا له.
محمد سليم العوا
أعلن محمد سليم العوا المفكر الإسلامي في 18 يونيو 2011 نيته الترشح للانتخابات بعد مطالبات
عدة من قبل مؤيديه ومحبيه. قرر العوا إطلاق
برنامجه الانتخابي من قلعة صلاح الدين في القاهرة لتعكس
بعبقها التاريخي إحدى أولويات برنامجه في استعادة مكانة مصر التاريخية الرائدة
إسلاميًا وأفريقيًا وعربيًا.
استعرض العوا في هذا المؤتمر أهم محاور برنامجه السياسي الذي اتخذ له
شعار
"بالعدل..تحيا مصر"، واصفا العدل بالعمود الفقري لبرنامجه.
ويهدف العوا إلى تنفيذ المشروع الذي مكث على بلورته
لسنوات والذي سماه "المشروع الإسلامي الحضاري الوسطي". وهو مشروع يهتم بالإنسان كمقوِم أساسي لا تقوم
نهضة حضارية بدونه.
كما تبنى العوا فكرة الاعتماد على محورين أساسيين في سياسية مصر الخارجية. المحور الأول هو محور اقتصادي وتكنولوجي قائم بين القاهرة - أنقرة - طهران، والمحور الثاني هو محور ثقافي وتاريخي بين القاهرة - دمشق - الرياض يربط مصر بالعالمين العربي والإسلامي.
التغطية الإعلامية
لم يكن الاعلام
المصري في حالة من الفاعلية و النشاط كما كان في الانتخابات الرئاسية الاخيرة . و
توزع الاعلام على جبهات الدعم المختلفة. و أدرك المرشحون للرئاسة أهمية
الاعلام فتسابقوا للظهور على القنوات
الفضائية لتقديم مشاريعهم و لكسب الرضا و التأييد الشعبي. و لعب الاعلام دورا كبيرا
في اسباغ الجدية على بعض المرشحين في حين حضر آخرون بصورة ثانوية.
و انقسمت القنوات بين
مؤيد و مروج لهذا و محذر من وصول ذاك. قناة اون تي في التي يمتلكها رجل الاعمال
نجيب سويرس خصصت الوقت الاكبر لاستضافة المرشحين الليبراليين الذين حسب نظرتها هم
مستقبل الثورة .
قنوات الحياة التي
يمتلكها رئيس حزب الوفد أيدت المرشح
الناصري حمدين صباحي . أما قناة مصر 25 التابعة لحركة الاخوان المسلمين فكان من
الطبيعي أن تلعب دورا ترويجيا لمحمد مرسي. و دخلت القنوات الدينية في اللعبة الانتخابية لتدعم بصورة أكيدة
المرشحين الاسلاميين و بالتحديد عبد
المنعم ابو الفتوح .
أما قنوات النهار و
سي بي سي , فقد طرحت نفسها على أنها حيادية و لكن سرعان ما تحولت مع انتهاء الدورة
الأولى للقول لا هذا و لا ذاك .
و شهدت الإنتخابات
الرئاسية المصرية دخول عنصر مستجد على الحياة السياسية يحمل طابعاً ديمقراطياً, عندما
خاض عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح أول مناظرة رئاسية في مصر في حدث وصف
بالتاريخي.
التقى المرشحان عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح بصفتهما أبرز المرشحين في أول مناظرة تلفزيونية بين مرشحين للرئاسة في
تاريخ مصر. يوم 10 مايو 2012 عُرضت المناظرة، التي
تمت بالتعاون مع جريدتي الشروق والمصري اليوم، على شاشتي قناة أون تي في وقناة دريم 2 وأدارها المذيعان يسري فودة ومنى الشاذلي. تبادل المرشحان عرض
رؤيتهما حول نظام الحكم والملفات الحيوية كما تبادلا الاتهامات حول تاريخهما
السياسي.
أبرزت الصحف العالمية
الحدث مثل جريدة نيو يورك تايمز الأمريكية وصحيفتي لو فيغارو ولوموند الفرنسيتين وآخرين.
ورحبت الولايات المتحدة الأمريكية بالمناظرة وقالت المتحدثة باسم وزارة خارجيتها "إن هذه المناظرة
أمر صحي وإيجابي"
.
وبينما أشاد الباحث
السياسي عمار علي حسن بقيمة المناظرة
التاريخية، إلا أنه رأى أن كلا المرشحان كان يستهدف فضح مواقف أو كشف نقاط ضعف
الآخر وهو ما جعله يتوقع احتمال أن يصب ذلك لصالح منافسيهما.
فيما انتقد مأمون فندي، مدير برنامج الشرق
الأوسط في المعهد
الدولي للدراسات الإستراتيجية البريطاني، المناظرة بشدة لاقتصارها على مرشحين اثنين فقط، وهو ما
اعتبره محاولة من القنوات الخاصة على حصر المنافسة الرئاسية بين موسى وأبو الفتوح
فقط دون باقي المرشحين.
وكان المرشح محمد سليم العوا قد دعا مرشحي التيار الإسلامي لعقد مناظرة معه لتوضيح الفارق بين
مرشحي التيار الواحد فيما رفض محمد مرسي المشاركة في أي من
المناظرات الرئاسية لاعتباره أنها ترتكز على تجريح المرشحين وليس النقاش الموضوعي
حول برامجهم الانتخابية.
أجرى مركز
الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ثمانية استطلاعات للرأي بمعدل واحد أسبوعيًا بدءًا من 25 مارس 2012 وحتى تاريخ التصويت.
اعتمد المركز على أسلوب المقابلة الشخصية علي
عينة قوامها 1200 ناخب ممثلة لكل محافظات الجمهورية باستثناء المحافظات
الحدودية (شمال سيناء وجنوب سيناء ومرسي مطروح والوادي الجديد والبحر الأحمر).
فيما نشرت جريدة المصري اليوم ستة استطلاعات للرأي أجرتها المؤسسة
المصرية لبحوث الرأي العام "بصيرة"، والتي اعتمد فيها المركز على
عينة قوامها نحو 2000 ناخب تحقق توزيعا جغرافيا متوازنا، استطلع رأيها عبر الهاتف
المنزلي
والهاتف المحمول خلال يوم واحد فقط لكل استطلاع
رأي في محاول لعزل حالة "السيولة السياسية" في المجتمع
كما قامت مراكز أخرى بعدد من الاستطلاعات كذلك
مثل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الحكومي.
وضعت معظم الاستطلاعات عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح في صدارة المرشحين، إلا أنها ذكرت تقدما متسارعا في شعبية آخرين مثل محمد مرسي وأحمد شفيق بمرور الوقت. ولكن لم تثبت الاستطلاعات دقة عالية. فحاز موسى على نسبة
قليلة من أصوات الناخبين وضعته في المركز الخامس، بينما حاز مرسي على أعلى نسبة
تصويت ليخوض مع شفيق جولة الإعادة.
ومن ثم انتقد عدد من المتابعين مراكز استطلاع الرأي واتهموها بعدم
الموضوعية، من بينهم القيادي اليساري عبد الغفار شكر الذي رأى أنها تجاهلت شرائح من المجتمع المصري مثل ربات البيوت
والأميين وسكان العشوائيات.
بينما رفع المرشحون الخاسرون أبو العز الحريري وحمدين صباحي وهشام البسطويسي دعوى قضائية ضد رئيس مجلس الشورى ورئيس المجلس الأعلى
للصحافة ورئيس مجلس إدارة الأهرام ومركز الدراسات السياسية والإستراتيجية والمصري
اليوم، متهمين فيها مراكز استطلاع الرأي بتوجيه الناخبين نحو انتخاب مرشح معين.
وهو ما ذهب إليه مجموعة من المتابعين، حيث شككوا
في مصداقية بعض هذه الاستطلاعات واتهموها بمحاولة التأثير على اتجاهات التصويت.
ولكن الكاتب الصحفي والإعلامي جهاد الخازن رأى أن التخبط الذي شهدته الاستطلاعات يدل علي عدم
خبرة لا سوء نية، وذلك بسبب عدم الوصول الى أماكن نائية مثل أعالي الصعيد، وعدم
الوصول إلى فئات مثل الطبقات الدنيا.
النتائج
أسفرت نتائج الجولة الأولى عن تقدم واضح للمرشح
محمد مرسي , الأمر الذي أكد فعالية الماكينة الانتخابية لحركة الإخوان المسلمين
التي تتمتع بدرجة عالية من التنظيم و الخبرة في العمل الميداني.
في
المقابل شكل فوز مرشح الحزب الوطني أحمد شفيق مفاجأة غير متوقعة الأمر الذي يحسب لصالح حملته الانتخابية التي
ركزت على الهم الذي يشغل بال غالبية المصريين و هو الحاجة الى الامن و الاستقرار,
و لعب الهجوم المكثف ضد شفيق على شد عزيمة مؤيدي الحزب الوطني المخلوع للتأكيد على
الاستمرار و القدرة على التأثير في الحياة السياسية.
و حصل
مرشح حركة الاخوان المسلمين محمد مرسي على 24,78% في الجولة الأولى , وعلى 51,73%
في جولة الاعادة . في حين حصل منافسه "المستقل" (آخر رئيس وزراء في عهد
مبارك) أحمد شفيق على 23,66 في
الجولة الأولى وعلى 48,27 في الجولة
الحاسمة.
و توزعت
النسب في الجولة الأولى 20% لـ حمدين صباحي و 17% لـ عبد المنعم أبو الفتوح, و 11%
لأمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى.
خاتمة
إنطلاقا
مما تقدم يمكننا القول إن الإستخدام
الأمثل لوسائل التسويق السياسي ساهم إلى جانب غيره من العوامل الداخلية والخارجية،
السياسية والإقتصادية والإجتماعية، في إنجاح مرشح دون آخر.
أي إن الماكينة الإعلامية الفائزة أدركت كيفية التسويق
السياسي عبر الإعلام الذي يشكل المجتمع ميدانه الرئيس والذي هو سلسلة من التواصل
القائم بيم جملة من العناصر الفاعلة والمنفعلة، المؤثرة والمتأثرة في المجتمع ..
من الزعيم السياسي إلى المقهى ، مروراً بالمؤسسات الرسمية والأحزاب الوطنية
والتنظيمات السياسية والثقافية والاجتماعية والنقابية ، الخ ...
كما فهم القائمون على
تلك الماكينة محورية العلاقة بين وسائل الإعلام والرسالة والمرسل إليهم، وأخضعوا
أدوات الاتصال إلى جملة من الرسائل الإعلامية المبنية على الطرح السياسي أو
الأيديولوجي المتبنى والمراد توزيعه على المجتمع.
إن دراسة التسويق
الإعلامي هي محطة أساسية في أي عمل تسويقي سياسي. ودراسة اختلاف المقدرة الاقناعية
تساعد في الاستخدام الأمثل للرسائل، يضاف إلى ذلك دراسة قادة الرأي والزعماء.
وتتكامل عملانية
نجاح التسويق الإعلامي حين تتكامل الأهداف وتتناسق مع بعضها البعض. هذا التكامل
يجب أن يوضع في عناصر الرسالة الإعلامية: من المرسل إلى المرسل إليه، فالرسالة والوسيلة
وكيفية التوجه والأثر المتوقع.
إن أكثر الدراسات
لعمليات التسويق السياسي عبر الإعلام أثبتت أن لكل وسيلة إعلامية مقدرة تزيد أو
تقل في إقناع الجمهور. وإن أفضل عملية تسويق سياسي عبر الإعلام هي تلك التي تستخدم
كافة وسائل الاتصال في الوقت عينه.
تعليقات
إرسال تعليق