اين الدولة؟؟
بيكفينا سخافه ! ليس من المعقول ان نبقى غير قادرين على رؤية الواقع إلا وفق ما تعودنا عليه مسبقا ، نحن بأمس الحاجة لإمتلاك ادوات تفكير جديدة ، أي نعم ستؤثر هذه الأدوات على تكويننا الثقافي ، و بالتالي على تكويننا الذاتي وهذا أمر طبيعي نحن بحاجة لثورة على مستوى الوعي ، و ليس من المعقول ان نلج بوابة التاريخ المعاصر بعقلية القرون الوسطى . ليس من المعقول بأن كل ما يهمنا من المجتمعات الحديثة هو البحث عن ذواتنا الضائعه لنجدها بين جنباته ، و كاننا نبحث عن البرهان على اننا على حق ، وكأن المجتمع الحديث ليس إلا ذاتنا التي إفتقدناها منذ قرون ، و يكفي ان نعيد لها اسمها لنعيد التوحد بها ، أو يكفي ان يدرك سكان هذه المجتمعات الأسم الحقيقي لمجتمعهم ليصبحوا هم نحن ، و لا ينقصهن إلا أن يغيروا بعض مفردات حياتهم ليستقيم أمر هويتهم .
الكثير من العرب الذين وصلوا إلى أوروبا في العقود الماضية قالوا عن المجتمع الأوروبي : هذا هو المجتمع الإسلامي الصحيح و لا ينقص الأوروبين إلا ان ينطقوا بالشهادتين لتستقيم أمورهم .
هم حتما إستندوا بهذا الحكم إلى معايير عن العدالة و المساواة و التكافل الاجتماعي ، وهذه معايير شديدة العمومية و يمكن ان نجدها بأي دين ، أي أنه يمكن لأتباع أي دين أن يقولوا الشيء ذاته بخصوص هذه المجتمعات و يعتبروها برهانا على صواب معتقداتهم .
انا لا أملك اطلاع جيد على تراث الاسلامي أو على تاريخ دولة المسلمين ، ولكنني أعتقد و من خلال الخطوط العريضة التي اعرفها بأنه لا يوجد بالتاريخ شيء أسمه دولة إسلامية و لكن كان يوجد فقط دولة للمسلمين ، أي أنه لا يوجد نموذج خاصة من الدولة من حيث البنية و الوظائف يمكن ان يقال عنه دولة اسلامية ، و الدولة التي بناها المسلمون قد يكون لها فقط خصوصية محدودة في قوانين الاحوال الشخصية و المعاملات بين الناس ، و ربما كانت اكثر مقدرة على القبول بهويات اخرى ، و لكن ضمن شروط نموذج الدولة التي كانت معروفة في ذلك العصر ، أي أن المواطنين ليسوا اكثر من رعايا يرعاهم العاهل الذي يملك سلطات مطلقة لا تحدها أية قوانين ، العاهل مسؤول أمام الله فقط و ليس للناس أية وسيلة للمحاسبة أو للمشاركة بالحكم ،طبعا لايمكن للشورى أن تناظر مؤسسة البرلمان ، الشورى يدعوا لها العاهل متى يشاء و لا يوجد أي إلتزام من قبله إلا بما بمليه عليه ضميره ، هذا الضمير الذي ينعقد عليه كل الأمل ، الأمل بأن يكون الحاكم متدين وعادل ويحكم بما يرضي الله ، أو أن الله سيحاسبه يوم القيامة .
الدولة الإسلامية أو بصورة أصح دولة المسلمين لم تكن تختلف عن الدولة البيزنطية من حيث آلية الحكم و الوظائف ، و القول أننا يمكن أن نمتلك دولة حديثة يعني حتما دولة على نموذج ما هو موجود بالغرب و ليس دولة إسلامية .
فإذا كنا على إستعداد للقبول بكثير من مفردات الحياة المعاصرة ، هذا هو الشيء الوحيد المعقول ، فلم لا نقبل بالدولة الحديثة ايضا .
تعليقات
إرسال تعليق