خطبة العيد للعم سعيد ((ردفـــــان))*

<
سم الرحمن الرحيم






*خطبة العيد للعم سعيد ((ردفـــــان))* ------------------------------- تحية ابوسهيل






* *






*الخطبة الأولى*






الله أكبر (تسعاً) الله أكبر ما تحركت قُلوبُ الحُجاج إلى بيت الله الحرام،


الله أكبرُ ولبسوا ثياب الإحرام، الله اكبر ما طافوا بالكعبة واستلموا الحجر


الأسود ففازوا بالطواف والاستلام، الله اكبر ما سعوا بين الصفا والمروه وشربوا


ماء زمزم وصلوا خلف المقام، الله اكبر ما وقفوا بعرفة وباتوا بمزدلفة ورموا


ونحروا وحلقوا بمنى وذكروا الله عند المشاعر العظام، الله اكبر ما اجتمع


المسلمون في هذا اليوم وهو أشرف الأيام، الله أكبر ما صلوا ونحروا وشكروا الله


على نعمة الإسلام، الله اكبر ما صان دم الإنسان أن يسفك في هذه الأيام، الله


اكبر وعرضه أن ينتهك وماله أن يغتصب وحماه أن يقتحم وعقله أن يعطل، الله اكبر


الله اكبر الله اكبر الله اكبر.






نحمده تعالى جعلنا مسلمين وبالحق قائمين، وعن الباطل مائلين، وسيجزي الله


الشاكرين، فهنيئاً لمن شكر، وويلٌ لمن كفر، والله غنيٌ عن العالمين وإليه


المصير والمستقر، الله اكبر ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن


سيدنا محمد عبده ورسوله المفضل السيد العظيم المبجل القائل صلى الله عليه وسلم


(( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عزوجل)) اللهم فصلي وسلم على سيدنا


محمد النبي المرسل بخير كتاب منزل والتابعين له بإحسان في كل أثر، ما قرأ الناس


في هذا اليوم السعيد الأزهر (( إنا أعطيناك الكوثر، فصلي لربك وانحر، إن شآنئك


هو الأبتر)).






عباد الله حينما تخيم على الأمة الليالي الحوالك وخصوصاً في الليالي العشر الذي


أقسم الله بها فإنها بحاجة إلى من يضيء لها المسالك وعندما تتقاذف سفينة


المجتمع أمواجاً من التيارات وطوفان من التحديات فإنها بحاجة إلى ربابين مهرة


وأئمة مصلحين بررة يقودون دفتها إلى بر الأمان وشاطئ السلام، فاليوم يا عباد


الله ترسو سفينة الأمة على الشاطئ بعد أن علا طوفان المحتل وافتتن بالنصر وطغى


تيار الفساد، وانبهر الكثير بما هو عليه ظاهر القوم، فهبوا ليخدعوا الدهماء


بزخرف القول فبعد سنوات من الصمت أيقن الناس بإفلاس الفئة المتسلطة عندما تعرت


شعاراتها الزائفة وأفلست نظرياتها الجوفاء، خرج الناس إلى الشارع لتطالب


بحقوقها، فلاقوا ما لاقوا من قمع وقتل وسجن وحصار وتشريد ومع هذا استمر الناس


في الصمود والتضحية والخروج إلى الشوارع بصدور عارية، ولكن أيها المسلمون


الأحرار لابد أن يكون هذا الخروج مصحوباً بزيادة من الدين الحق الذي يهذب


النفوس ويزكي الضمائر ويضبط الأخلاق والسلوك ويوحد القلوب ويرص الصفوف ويجعلها


كالبنيان قوية صلبة، ولابد من شعارات إسلامية قومية بها يستعيد بإذن الله للأمة


المفقود من أمجادها والمنشود من عزها والمعقود من آمالها وهذه لفتة للأخوة


الشعراء ولفتة أخرى إلى القائمين بحماية حقوق هذه الأمة فأقول يا أيها القائمون


بحماية حقوق هذه الأمة والدفاع عنها فلا تدعو إليها بدعاوى مزركشة وأقوال


مزخرفة وألبسة فاتنة ومسميات تزعزع الثقة فنهلك من داخلنا، ولا تركبوا مطاياها


وتعودوا بالأمة إلى ما كانت عليه من سذاجة فكر، فلابد من كشف ستورها وإخراج


معمورها وإماطة اللثام والعمل على إشعاع النور في الظلام تنويراً للخلائق


وإيضاحاً للحقائق لأن الله تعالى يقول في محكم تنزيله (( ويأبى الله إلا أن يتم


نوره)).






معاشر المسلمين فلا تكثرون المسميات تتمكن منكم الفرقة والخلافات فتبدل قوتكم


إلى ضعف ووهن وعزتكم إلى ذلٍ واستجداء، فقد نهبت خيراتكم وعبث بمقدراتكم يوم


كنتم على فكر غيركم فكان الحملقات عليكم من حولكم وأصبحتم لقمة سهلة البلع


للمتربص بكم، لهذا لابد أن تقدموا لدينكم وتصلحوا وتعالجوا عيوبكم من الداخل كي


تسدوا كل ثغرة يريد ينفذ المقرضون منها، وأن تتحدوا على المصدرين العظيمين الكتاب


والسنة لأن الناس متعطشون للغذاء الروحي، فعلى القادة والمرشدون والمثقفون


والدعاة إلى الله وأهل الخير والصلاح عليهم النهوض بمستوى هذا الحراك لما له من


الأثر البالغ عربياً وإسلامياً وقومياً تصحيحاً للمنهج القديم وتقويةً للأواصر


وتشجيعاً لدول الجوار وإشعاراً لهم بما لهم من مكانة عند أهل الجنوب حتى تهتم


بهم وتراعي شئونهم وتشاطرهم آلامهم وآمالهم وبالتالي سد الباب أمام كل من يريد


الاصطياد في الماء العكر، وأمام كل من يريد خلط الأوراق بين قضيتنا العادلة


والإرهاب المصنوع في صنعاء المفبرك في القصر الجمهوري.






عباد الله إن أمتنا بحمد الله أمةً مليئة بالكفاءات ثرية بالطاقات وزاخرة


بالقدرات في شتى التخصصات ممن هم مؤهلون للعمل بجدارة واقتدار وأمانة، أتعجز


الأمة بكفاءاتها ورجالها ومواردها أن ينبرء منها من يقوم ـ تسليةً للمحزون


وإقراراً للعيون ونصرةً للمظلوم ـ لقد أفلست كل النظريات الوضعية ولم تعد صالحة


لإسعاد البشرية والواقع من أكبر الشواهد على ذلك.






إن خليقاً بالإنسان أن يعرف ربه ويؤدي دوره ويدرك مسئوليته ويقوم بواجبه في


عبادة ربه سبحانه وتعالى وصيانةً لوطنه وينقاد ويذعن لحكمه ويتجه بصدق وإخلاص


وبكل شعور وإحساس نحو هذه الغاية المشرفة صلاحاً وإصلاحاً وبذلك يكون مؤمناً


حقاً ومسلماً صدقاً وقومياً غيوراً على وطنه، ولن يقوم أحد بذلك إلا إنسان


العقيدة والقيم والأخلاق، فهل سعد الإنسان إلا في ظل العقيدة الصحيحة، من الذي


صان دم الإنسان أن يسفك، وعرضه أن ينتهك إلا الإسلام، ومن الذي أحرز ماله أن


يغتصب وحماه أن يقتحم وعقله أن يعطل إلا الإسلام يوم أن فشلت الشعارات.






أمة الإسلام لقد راعى الإسلام حق الأفراد وراعى حق الأسرة والمجتمع وسعى لإشاعة


الفضيلة ومحاربة الرذيلة وأقام صروح الأسر والمجتمعات على أساس من الدين والقيم


والمثل والأخلاق واعتبر القوى البشرية من أهم عوامل التقدم والازدهار والحضارة.










ولذلك كان من مقاصده وأهدافه في بناء حضارة إسلامية عالمية أن قصد إلى كثرة


النسل وحفظه وتنميته واعتباره إحدى الضروريات المقررة بالشريعة الغراء كما حدث


رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته على كثرة النسل. أخرجه عبدالرزاق.






أنه صلى الله عليه وسلم قال (( تناكحوا تكثروا فإني اُباهي بكم الأمم يوم


القيامة)) وعند الإمام أحمد وابن حبان من حديث أنس رضي الله عنه (( تزوجوا


الودود الولود فإني مكاثر الأنبياء يوم القيامة)).






وفرض الإسلام حق المحافظة على النفس البشرية وحرم الاعتداء عليها وإن كانت


حملاً في بطن الأم وهي ما يسمى اليوم الإجهاض فكيف بمن يقتل العزل في هذا الشهر


المحرم.






أيها الناس إن منذُ بزوغ شمس هذا الحراك الحاسم إنشاء الله لكشف أسرار هذا


النظام الغاشم وهتك أستاره وفضح أخباره كان علينا واجب قومي لاقتلاع جذوره


واستئصال شافتة من أجل الحفاظ على مقومات هذا المجتمع الجنوبي السني وسلامته من


أي عدوان والدفاع على المستضعفين من إزهاق لنفوسهم وهدراً لحقوقهم وإضاعة


لمقدراتهم فإنه واجب علينا الاعتصام بالله والالتجاء إليه ثم التلاحم والتحلي


بالصبر والتثبت والتعقل والحكمة والحذر من جر الأمة إلى المواجهة مع هذا الغاشم


المحتل إلا حين يطلب منا نكن مستعدون، ((وعدوا لهم ما استطعتم..)) ((وكم من فئة


قليلة قلب فئة كبيرة...)) الدعاء والدعاء والاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر


منها وما بطن عن جنوبنا الحبيب الطيب خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة بمن


الله وكرمه.






والله المسئول أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه وأن يكفينا شر أعداءنا وأن


يحبط مؤامراتهم بعزته وسلطانه إنه قوي عزيز.






بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وفي هدي سيد المرسلين قلت ما سمعتم واستغفر


الله العظيم..






فيا فوز المستغفرين ويا نجاة التائبين..














*الخطبة الثانية: *






الله أكبر (سبعاً) الله أكبر ما ذبح المسلم الضحية، وجاد في هذا اليوم بالصدقة


والهدية، وتقدم إلى الله بصالح الأعمال وخلوص النية، الله أكبر ما تلاقى


المسلمان فتعانقا وتصالحا وتسامحا ونسيا ما كان بينهما من الخصام، الله أكبر ما


تذكر المسلمون جامعة الإسلام، وتوثقت بينهم روابط الدين بصدق الفعال وطيب


الكلام، فتوادوا وتراحموا والمؤمنون كالبنان أو كالبنيان، يشد بعضه بعضها


ويحفظه من الانهدام، ومثل المؤمنين كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى


له سائر الجسد بالسهر والاحتمام، الله أكبر ما نظر الله إلى عباده وهم واقفون


بين يديه وتجلى عليهم بفضله وإحسانه وأعطاهم مما لديه وباهى بهم الملائكة


وبشرهم بقوله تعالى إن المتقين في جنات ونهر، الله أكبر الله اكبر الله اكبر.






والحمد لله ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمد عبده


ورسوله صاحب السيادة قوّم به الدين وأشاده، وثبّت به أركانه وأوتاده، اللهم


فصلي وسلم على سيدنا البالغ من جود ربه عليه قصده ومراده صلى الله عليه وسلم.


الله أكبر الله أكبر الله أكبر .






عباد الله لقد اقتضت حكمة الله عزوجل وجرت سنته في كونه وخلقه أن يكون هناك


صراع بين الحق والباطل ومقارعة بين قوى الخير وقوى الشر ومعركة دائمة بين


أولياء الرحمان وأولياء الشيطان وجهاد بين جبهة الحق والعدل في مقابل الظلم


والبغي والعدوان ودفع الناس بعضهم ببعض صلاحاً لهذا الكون وعمارة لهذه الأرض


وإبقاءً على العناصر الخيرة وإقصاءً للعناصر الشريرة وبتراً للأعضاء المسمومة


في أي مجتمع حتى لا تؤثر على بنيته وكيانه، وإن من طبيعة هذا الدين أنه في


معركة دائمة وصراع دائم مستمر مع الظلم أياً كان مصدره ومنهجه وزمانه.






لقد ألزم الإسلام أتباعه درء الفتن عن هذا الدين وصيانة الحق في الأنفس والعقول


والأموال والأعراض من عبث العابثين وعدوان المعتدين لذلك فقد ربّى الإسلام


أتباعه أن يكونوا دائماً على أتم استعداد وأكمل أهبه وأقوى إعداداً لمقاومة


البغي واستئصال الشر ومقاومة الظلم ومقارعة الباطل وأهله ودرء الفساد والجرائم


حتى لا تستذل الرقاب،وينتشر الخوف والإرهاب ويشتد ساعد التسلط والعداء، وحتى لا


ينال من الدين ولا من الديار ولا من الكرامة ولا من المقدرات أي عدو أو حاقد


كائن من كان وقد مدح الله أهل الإيمان بهذه الخصال فقال تعالى (( والذين إذا


أصابهم البغي هم ينتصرون)) وقال سبحانه (( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم


من سبيل إنما السبيل على الذي يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك


لهم عذاب أليم)) وإن مما يزيد الطين بله فوق ما نراه من تسلط وسلب ونهب


للمتلكات والثروة. التحكم بالحديد والنار وفي الأشهر الحرم وفي العشر الفضائل


وزهق الأنفس والتلاعب بالمصائر وترهيب ومحاصرة أهل عدن بالجنود في كل جولة وخط


دائر، فإننا نطالب وننادي إخواننا قادة الدول العربية خاصة والشعوب المسلمة


عامة أن يرعوا حقوق الأخوة التي تربط المسلمين في كل مكان بإخوانهم المسلمين في


بلاد الجنوب العربي، كما راعوا حقوق إخوانهم الكويتيين إبان احتلال الطاغية


صدام، فيبادروا فوراً إلى إيقاف هذا الطاغية عند حده ويرغموه على الانسحاب من


أرض الجنوب العربي المسلم الشقيق، فلا تصفقوا له ولا تزمروا كفى ضحكاً على


أذقان الشعوب وذرءاً للرماد في العيون، فلا دوري سيقام بأمان، ولا لاعبٍ سيلعب


بإتقان، ولا أبٍ ولا أمٍ ستعيش باطمئنان.






عباد الله لابد من صدق العزيمة في علاج الأزمات ومن التوجه الصادق إلى الله فهو


الملجأ في الشدائد والملمات، القادة دورهم توحيد الكلمة وتحقيق النصر والشريعة


والدعاة دورهم تبصير الشعب والشباب بالتسلح والإعداد بالقوة المعنوية والمرأة


أم الأبطال مربية الأجيال في الإعداد والتربية، لأننا نطلب النصر من الله


بالقيام بطاعته والتقرب إليه بعبادته والبعد عن المعاصي والمحرمات، وهكذا الكل


بدعائه وتضرعه ولو بكف شر هذا الطاغية وفرج الله آت لا محالة والنصر قريب بحمد


الله.






والله الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون والله حسبنا ونعم الوكيل ولا


حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان


زهوقاً.






رحم الله الشهداء العزل وشفى الله الجرحى وتقبل الله من الشاكين الشكى، وهو


المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.

تعليقات