بقيادة عبد ربه وبا سندوه الثورة في الجنوب والانتكاسة في الشمال


بقيادة عبد ربه وبا سندوه
الثورة في الجنوب والانتكاسة في الشمال                                   عزيز سالم

الثورة في الجنوب والانتكاسة في الشمال هو عنوان كتاب للدكتور المرحوم
محمد علي الشهاري، المناضل الثوري الشمالي الذي عاش في الجنوب وتشرب
ثقافته وقيمه، ويفخر الجنوب بنتاجه الفكري ونضاله، لقد كان كتابه ذاك عن
نجاح ثورة اكتوبر في إحداث التغيير وبناء الدولة  في الجنوب بينما يرى أن
ثورة 26 سبتمبر قد أعقبتها الحرب الأهلية بين الجمهوريين (الثورة)
والملكيين والتي انتهت بصلح 5 نوفمبر 1967م وتقاسم السلطة بين الفصيلين
ونتج عنها كذلك إقصاء قوى ثورية مهمة والغدر بالقوات المصرية التي جاءت
لمساعدة ثوار اليمن من خلال تعاون طرفي الاتفاق الذي نتج عنه اغتيال
العشرات وربما المئات من كوادر الثورة والقوات المسلحة وعلى رأسهم الضابط
عبدالرقيب عبدالوهاب من أبناء مناطق تعز وغيرهم وهو نفس السيناريو الذي
استخدم مع أبناء تعز وشباب ثورة التغيير من خلال قتل شباب مسيرة الحياة
والتحالف مع بقايا النظام والتغاضي عن دم الشهداء مقابل الحصول على جزء
من السلطة وتعود الدوامة نفسها تتكرر من خلال صعود قوى ومناطق جغرافية
واتجاهات سياسية على حساب أخرى.
وهناك حادثة أخرى أود الإشارة لها لجهة ثورة الجنوب ودولته فقبل الوحدة
بفترة جاء الشاعر الكبير المرحوم عبدالله البردوني إلى عدن يطلب القيادة
الجنوبية العدول عن فكرة الوحدة كون الوحدة ستؤدي إلى ضياع الدولة
ومكتسباتها في الجنوب في حين لم تقم الدولة بعد في صنعاء، وأذكر أنه قد
ألقى محاضرة ونقلتها إذاعة عدن واتضح من خلالها رأيه في الوحدة، وحينها
انتقدنا الشاعر الكبير والكفيف ذا الرؤية المبصرة والثاقبة. وأنا أستحضر
هذه الذكريات من الماضي في ردي هذا على الكاتب منير الماوري في آخر ما
قرأته من كتاباته التي يكرسها لليمن وقضاياه،  والتي يدعي فيها أن الحراك
يريد العودة إلى الخلف ويصف الجنوبيين بالأنانية .
فلو أخذنا مثلاً مقترحات الماوري في تقسيم اليمن إلى أقاليم ثمانية وما
توصلت إليه ثورة الشمال من مطالبات بالدولة المدنية بكل ما تمثله من قضاء
مستقل وحرية صحافة وعدم تدخل القوات المسلحة والأمن في شئون المؤسسات
المدنية والقضاء وغيرها وحتى أبسط الأشياء مثل إخلاء المدن من القوات
المسلحة إذا نظرنا إلى هذا كله وغيره بنظرة عدالة ومنصفة وبصراحة ألم تكن
هذه النقاط جميعها قد وردت في نقاط البيض التي طرحت قبل الحرب؟.
ألم تكن الأقاليم هي موضوع وثيقة العهد والاتفاق التي توصلت إليها القوى
السياسية اليمنية كلها والتي تم التغافل عنها والانصراف إلى الحرب ضد
الجنوب فاتحين جراب النهب وشاهرين سيف فتاوى التكفير تذبحون به الجنوب
ونصبتم للجنوب مقصلة الانفصال كما نصبتم الطائفية لتخرسون أصوات تعز التي
تريد الحرية ، واليوم يكتب الماوري أنه هو بطل هذه الآراء وصاحبها بينما
تم رفضها قبل قرابة عشرين عام من قبل  القوى المتاجرة بالدين والدم التي
تدعي بأنها هي أهدافها اليوم.
وأنا أريد من الأخ الماوري أن يفسر لي ما الذي يعني له أن هذه الأفكار
والآراء كانت هي ما يصر عليه الجنوب ويرفضه الشمال قبل قرابة عشرين
عاماً. ثم بعد عشرين عام تعودوا وتقولوا أن ما طرح في ذلك الزمن السحيق
صحيح؟ ما رأيكم؟ وتريدون منا أن نقبل بها بل ويستغرب الماوري أنه عندما
يطالب بإصلاح مسار الوحدة، فإن أول من يرفضه هو من كانوا يطالبون بإصلاح
مسار الوحدة..
يجب أن تعرف يا ماوري أننا حين نرفض ما طرح في التسعينات ذلك لأنه
تجاوزها الزمن وطرح اليوم يختلف كثيراً عن ذلك الزمن ونحن نفسر ذلك بأنه
فرق في ثقافة ورؤية الشعبين وقواهم السياسية  في الشمال والجنوب, ولذلك
لدينا اليوم طلبات وطموحات جديدة لن ترضوا بها أنتم الآن وسوف تصلوا
إليها ربما بعد عشرين عام أخرى أو أكثر، وأنا أرى أن الجنوب يتمايز بهذا
الشيء وليس بالثروة أو بأي شيء آخر.
أما ما تراه بأننا  أنانيين فأنت تعرف تماماً أن الجنوبيين مواقفهم واضحة
تجاه الشمال منذُ ثورة سبتمبر وفي الحرب بعد الثورة حتى 67م وحتى فيما
بعد حين كان يصل الشماليون بالآلاف إلى عدن يعرفون هم كيف نعاملهم وهناك
عشرات آلاف الكوادر الذين تعلموا وعاشوا في الجنوب وهم شماليون. ثم جاءوا
للوحدة بعقلية نقية ونيات صافية تم استغلالها بأسوأ  الأساليب.
أما ما يثير عوامل الكراهية اليوم فهي معاملتكم للجنوبيين وما حصل في عهد
الوحدة الرشيدة وبعدها وهذه الكتابات المستفزة وعدم الاعتراف المطلق
بقضية الجنوب كما يفعل كثيرون أو محاولات التحايل كما تفعل أنت وأمثالك
كثير، فأنتم لا تسألوا أنفسكم ما الذي جعل الجنوبيون ينفرون من الوحدة
ويكرهونها وهم صناعها؟
بل تبحثون عن أوصاف وتهم جاهزة وتسدوا كل منافذ الحلول، ثم بعد عشرات
السنين تكشفون خطأكم! ولقد قرأت اليوم لشميس في معرض إطراءك وشتم
الجنوبيين بأننا لا نعرف أساليب وسياسات العالم الحديث والدول العظمى
متفاخراً بأن أمريكا معكم، وهي قد كانت معكم عندما كنا دولتين والكل يعرف
ما حصل، وكذا يقول منطق القوة هو السائد وليس قوة المنطق, وهذا القول
يعني ضمناً أنه حتى لو كانت القضية الجنوبية عادلة وأنتم أقوياء فلن يتم
الاعتراف بها لأن العصر هو عصر القوة .وهكذا ترى مؤشرات الدولة الجديدة
التي تريد بناءها يا ماوري على الطريقة الأمريكية.
 وأنا أقول لك وشميس إننا سنظل متمسكين بقوة المنطق، حتى نضطر لتبني منطق
القوة لإحقاق قوة المنطق ,وحينها سيكون كل من عبدربه وباسندوه في مقدمة
الصفوف لأننا نعلم بأنكم ستنهوا مهمتهم حال إحضارهم الأموال من العالم
الخارجي وسيكون لهم بالمرصاد جزاء سنمار الذي كافأتم به البيض وفرج بن
غانم وعبد الوهاب وعبد المغني والزبيري والنعمان والعطاس وعلي ناصر وآلاف
الثوار الشرفاء من الجنوب والشمال.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهداء الجنوب محافظة لحج ---

مسيرة الزحف الى عدن --- ردفان