-- توضيح سابع للحراك

د. محمد حيدره مسدوس

كثرت هذه الايام المؤتمرات و كثرت المجالس المنبثقه عنها و
اختلطت الاوراق و ارتبكت العقول . و هذا ما دفعني الى هذا التوضيح
لجماهير الحراك الوطني السلمي الجنوبي ، و هو على النحو التالي :

أولاً : ان الجنوبيين من حيث المبدأ فاقدون وطن و ليس سلطه ، و
عليهم ان يفهموا انفسهم و يفهمهم الاخرون على هذا الاساس . و بالتالي فان
من لديه الاستعداد من الاطراف الشماليه للحوار على قاعدة الشمال و الجنوب
، فان ايدينا ممدوده له . امّا غير ذلك فهو ضحك على الذقون و ضياع للوقت
و تعقيد اكثر للقضيه . فاذا ما ارادوا ان يفهموا القضيه و يفهمون حلها ،
فان عليهم ان يسلموا بان اليمن السياسي يمنان و انه شعبان بهويتين و
بتاريخين سياسيين مختلفين كما كان في الواقع و كما هو موثق في المنظمات
الدوليه الى يوم اعلان الوحده ، لانه بدون ذلك و بدون اعتراف الشماليين
بشماليتهم و الجنوبيين بجنوبيتهم يستحيل فهم القضيه و يستحيل فهم حلها .
ثم هل تدرك الاطراف الشماليه بان واحدية اليمن التي يتمسكون بها هي نافيه
اصلا للوحده ، لان الوحده لا يمكن ان تكون وحدة الواحد ؟؟؟ .

ثانيا : اننا اذا ما انطلقنا من ذلك ، فاننا سنجد بان تفكيرهم
لحل قضية الجنوب هو تفكير خاطئ و خارج عن الواقع الموضوعي الملموس ، و هو
ضحك على الذقون و ضياع للوقت و تعقيد اكثر للقضيه . كما سنجد بان مطلب
التقاسم في المجالس الجديده الذي يطرحه بعض الجنوبيين هو مطلب سطحي و
خاطئ تماما و هو يعني القبول بالضحك على الذقون و القبول بضياع الوقت و
تعقيد القضيه ، لاننا كما اسلفنا فاقدون وطنا و ليس سلطه . فبدون
الاعتراف بان الحرب اسقطت مشروع الوحده و الغت شرعية اعلانها و اسقطت
شرعية اتفاقياتها و دستورها قبل تنفيذها ، و بدون الاعتراف بان الوضع
القائم في الجنوب قائم على نتائج الحرب و ليس على اتفاقيات الوحده و
دستورها ، فانه يستحيل ايضا فهم القضيه و فهم حلها ، لانه بدون ذلك لا
يمكن منطقيا وجود قضيه جنوبيه .

ثالثا : ان اصحاب النظام بعد ان اسقطوا مشروع الوحده بالحرب و
استعادوا دولتهم كتحصيل حاصل لها ، قد اصبحوا ينطلقون في حجتهم تجاه
المطالب الجنوبيه من المقارنه بين الوضع القائم و النظام السابق في
الجنوب و يدعَّون بهذه المقارنه انهم حرروا الجنوب من نظامه السابق و
يقدمون الجنوبيين و كأنهم يطالبون باستعادة نظامهم و ليس دولتهم . و هذه
المقارنه التي ينطلقون منها ، هي مقارنه بلطجيه بامتياز ، لانهم يدركون
بان شعب الجنوب فاقد دوله و ليس فاقد نظام . كما ان منظري النظام يحاولون
الان جر الجنوبيين الى الدخول في حوار وطني شامل تحت مظلة الامم المتحده
حتى يسقطوا قراري مجلس الامن الدولي المتخذين اثناء الحرب بقرار اممي ، و
حتى يغلقون ملف القضيه . و هذه الحيله هي ما يجب الانتباه لها و رفض
المشاركه في اي حوار من هذا النوع .

رابعا : ان مشاركة الجنوبيين في هذا الحوار هو دفن لقضيتهم ،
لانه من الناحيه العمليه سيقام على قاعدة السلطه و المعارضه و ليس على
قاعدة الشمال و الجنوب . و هذه الآليّه في حد ذاتها هي دفن لقضية الجنوب
و تنازل عن قراري مجلس الامن الدولي المتخذين اثناء الحرب ، و هو ما تسعى
اليه كل الاطراف السياسيه في صنعاء . فليس من المعقول حشر قضية الجنوب
الوطنيه مع قضايا الشمال السلطويه ، لان مطلب كل الاطراف الشماليه هو
اسقاط النظام . امّا مطلب الجنوبيين فهو استعادة ارضهم و ثروتهم المنهوبه
، و استعادة تاريخهم السياسي و هويتهم المطموسه ، اي ان قضية الجنوب هي
قضيه وطنيه و ليست قضية سلطه . و بالتالي فان شرعيتها هي اقوى من شرعية
اسقاط النظام . و لكنه بحكم ان العالم لا يرى حامل سياسي لقضية الجنوب
الوطنيه ، فانه مستجيب لحشرها مع قضايا الشمال السلطويه ، و هو للاسف لا
يعلم بان هذا الخلط يعقد حلها و يعرقل حل مشاكل الشمال المتفجره . حيث ان
كل من القضيتين يؤثر حلها بشكل سلبي على الاخرى اذا ما حُشرت القضيتين في
حوار واحد . و لهذا فانني انصح السيد جمال بن عمر مندوب الامين العام
للامم المتحده بان يفصل بين القضيتين اذا ما اراد ان ينجح في حل الازمه ،
و ان يدرك بان الفصل بين القضيتين هو الطريق الآمن و السريع لحل مشاكل
الشمال المتفجره ، و هو الطريق العادل و الوحيد لحل قضية الجنوب المزمنه
، و عليه ان يدرك بانها لا توجد و لن توجد شرعيه لاي حل لقضية الجنوب
مهما كان عادلا الا باستفتاء شعب الجنوب عليه .

خامسا : انه بفضل العمل الميداني للحراك الوطني السلمي الجنوبي
قد اصبحت كل الاطراف الشماليه و العالم يتحدثون عن قضية الجنوب دون ان
يفهموا نوعيتها و آليّة حلها ، و هو ما يدل على حضور القضيه و غياب اهلها
. كما ان الحديث عنها هو اعتراف بها و يحصر الخلاف حولها في نوعيتها و
آليّة حلها . فكل الاطراف الشماليه معترفين بها و يعتبرونها قضيه حقوقيه
و يرون آليّة حلها في الحوار بين السلطه و المعارضه ، و نحن نراها قضية
وحده سياسيه بين دولتين اسقطتها الحرب و حولتها الى اسواء من الاحتلال ،
و نرى آليّة حلها في الحوار بين طرفيها اللذان هما : الشمال و الجنوب ،
اي ان الخلاف حولها اصبح الان محصورا في نوعيتها و آليّة حلها ، و كل ذلك
هو بفضل العمل الميداني للحراك الوطني السلمي الجنوبي .

سادسا : انني هنا اقول لاصحاب السلطه و المعارضه و ثورة الشباب
في الشمال بأن قضية الجنوب لن تحل الا بالحوار بين طرفيها كما اسلفنا ، و
خير دليل على ذلك السنوات العشرون الماضيه . فلا وجود الجنوبيين مع
السلطه حلها ، و لا وجود الجنوبيين مع المعارضه طبّع الوضع في الجنوب .
صحيح ان وجودهم موّه القضيه لعشرين سنه مضت ، و لكن شعب الجنوب يرى هذه
السنين هي سنين احتلال و ليست سنين وحده ، و هذا ما يأكده الواقع
الموضوعي الملموس . فما لم يكن حاملا سياسيا لقضية الجنوب يمثلها و يتحدث
بأسم الجنوب لا يمكن حلها . و على الجنوبيين الذين تحتضنهم السلطه و
المعارضه و ثورة الشباب في الشمال ان يدركوا بان هذا الاحتضان هو
لأعتبارات جنوبيه ، و ان استمرار هذا الاحتضان مرهون بهذه الاعتبارات و
سوف يغيب بغيابها . فلم يكن احتضانهم لثقافتهم أو لكفائاتهم أو لعقولهم ،
لان في الشمال من هو افضل منهم بكثير ، و انما لتلك الاعتبارات . و انا
متأكد تماما بأن اصحاب السلطه و المعارضه و ثورة الشباب لم يكونوا
مقتنعين باطنيا بثقافة و كفاءة و عقول هؤلاء الجنوبيين ، و متأكد تماما
ايضا بانهم يسخرون منهم و يسخرون اكثر من لهجتهم ، و انما كل ذلك
للاعتبارات الجنوبيه كما اسلفنا ، و تحت وهم انهم بذلك سيدفنون قضية
الجنوب ، و هذا ما برهن الواقع على استحالته . و لهذا فانه لا مفر للسلطه
و المعارضه و ثورة الشباب في الشمال من الاعتراف بحامل سياسي لقضية
الجنوب و الجلوس معه لحلها على قاعدة ان الوضع القائم في الجنوب منذ
الحرب ليس وحده و انما هو اغتصاب بقوة السلاح ، و انه من حق شعب الجنوب
أن يرفض هذا الوضع و يقرر مصيره بنفسه دون وصايه عليه .

سابعا : ان المجلس الوطني الذي اعلنه شباب الثوره في صنعاء و
شمل اسماء زعامات جنوبيه في الخارج ، و المجلس الوطني الجديد الذي اعلنه
اللقاء المشترك و شمل نفس الاسماء الجنوبيه و اضاف اليهم اخرين ، انما كل
ذلك هو لجس نبض الشارع الجنوبي و الجنوبيين ، فاذا ما تفاعلوا مع ذلك
فانه سينجح و برغبة الخصم السياسي الاخر له ، و اذا لم يتفاعل معه الشارع
الجنوبي و الجنوبيين فانه سيفشل ، و قد يؤدي هذا الفشل الى صدام عسكري
عنيف بين المتخاصمين في صنعاء . و اعتقد ان ما يقوم به علماء دين السلطه
و علماء دين المعارضه في خطب الجمعه من تحريض و فتاوى دينيه ضد الفريق
الاخر ، هو تحضير لهذا الاصطدام سواء كان ذلك بوعي ام بدون وعي . امّا
المؤتمرات القبليه فهي التنفيذ العملي لذلك . و هذا الاصطدام اذا ما حصل
سيؤدي حتما الى الغاء التعدديه الحزبيه و الى الغاء الديمقراطيه ، لان
علماء الدين و الاسلاميين بشكل عام و القبيله و العسكر قد قبلوا بذلك في
سبيل ابتلاع الجنوب و إلاَّ ما هي مصلحتهم في التعدديه الحزبيه و
الديمقراطيه ؟؟؟ . هذا اذا ما انتصر اياً من الفريقين على الاخر . امّا
اذا لم ينتصر اياً منهما على الاخر فانها ستكون حرب اهليه في كل محافظه
من محافظات الشمال و سيسقط الجنوب بيد تنظيم القاعده . و هذا ما سيجبر
الدول الكبرى على احتلال الجنوب لتأمين الملاحه الدوليه . هذا بالضبط هو
ما سيحصل اذا لم تحل الازمه بالحوار .////// (( 21/8/2011م ))

رد سريع

*(ابوسهيل2011*)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهداء الجنوب محافظة لحج ---

مسيرة الزحف الى عدن --- ردفان